الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك "مَنْ خَلَقَ السّمَوَاتِ والأرْضِ لَيَقُولُنّ اللّهُ، قُلِ الحَمْدُ لِلّهِ "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد، فإذا قالوا ذلك، فقل لهم: الحمد لله الذي خلق ذلك، لا لمن لا يخلق شيئا وهم يخلقون. ثم قال تعالى ذكره: "بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يعْلَمون" يقول: بل أكثر هؤلاء المشركون لا يعلمون من الذي له الحمد، وأين موضع الشكر.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"الحمد لله" على هدايته وتوفيقه لنا بالمعرفة له.

"بل أكثرهم لا يعلمون" أنكم وفقكم الله لمعرفته.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{قُلِ الحمد لِلَّهِ} إلزام لهم على إقرارهم بأنّ الذي خلق السموات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر. وأن لا يعبد معه غيره.

{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أنّ ذلك يلزمهم، وإذا نبهوا عليه لم ينتبهوا.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

" بل أكثرهم لا يعلمون "أي لا ينظرون ولا يتدبرون.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{قُلِ الحمد لِلَّهِ} على أنْ جعلَ دلائلَ التَّوحيدِ بحيثُ لا يكادُ ينكرها المكابرون أيضاً.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

ولكن {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فلذلك أشركوا به غيره، ورضوا بتناقض ما ذهبوا إليه، على وجه الحيرة والشك، لا على وجه البصيرة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يقفهم أمام منطق فطرتهم، حين تواجه الكون، فلا تجد مناصا من الاعتراف بالحقيقة الكامنة فيها وفي فطرة الكون على السواء؛ ولكنهم يزيغون عنها وينحرفون، ويغفلون منطقها القويم:

(ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض؟ ليقولن: الله. قل: الحمد لله. بل أكثرهم لا يعلمون. لله ما في السماوات والأرض. إن الله هو الغني الحميد)..

وما يملك الإنسان حين يستفتي فطرته ويعود إلى ضميره أن ينكر هذه الحقيقة الواضحة الناطقة. فهذه السماوات والأرض قائمة. مقدرة أوضاعها وأحجامها وحركاتها وأبعادها، وخواصها وصفاتها. مقدرة تقديرا يبدو فيه القصد، كما يبدو فيه التناسق. وهي قبل ذلك خلائق لا يدعي أحد أنه خلقها؛ ولا يدعي أحد أن خالقا آخر غير الله شارك فيها؛ ولا يمكن أن توجد هكذا بذاتها. ثم لا يمكن أن تنتظم وتتسق وتقوم وتتناسق بدون تدبير، وبدون مدبر. والقول بأنها وجدت وقامت تلقائيا أو فلتة أو مصادفة لا يستحق احترام المناقشة. فضلا على أن الفطرة من أعماقها تنكره وترده.

وأولئك الذين كانوا يواجهون عقيدة التوحيد بالشرك؛ ويقابلون دعوة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالجدال العنيف؛ لم يكونوا يستطيعون أن يزيفوا منطق فطرتهم حين تواجه بالدليل الكوني الممثل في وجود السماوات والأرض، وقيامهما أمام العين، لا تحتاجان إلى أكثر من النظر!

ومن ثم لم يكونوا يتلجلجون في الجواب: لو سئلوا: (من خلق السماوات والأرض؟) وجوابهم: (الله).. لذلك يوجه الله رسوله [صلى الله عليه وسلم] ليعقب على جوابهم هذا بحمد الله: (قل: الحمد لله).. الحمد لله على وضوح الحق في الفطرة، والحمد لله على هذا الإقرار القهري أمام الدليل الكوني. والحمد لله على كل حال. ثم يضرب عن الجدل والتعقيب بتعقيب آخر: (بل أكثرهم لا يعلمون).. ومن ثم يجادلون ويجهلون منطق الفطرة، ودلالة هذا الكون على خالقه العظيم.

وبمناسبة إقرار فطرتهم بخلق الله للسماوات والأرض يقرر كذلك ملكية الله المطلقة لكل ما في السماوات والأرض. ما سخره للإنسان وما لم يسخره. وهو مع ذلك الغني عن كل ما في السماوات والأرض، المحمود بذاته ولو لم يتوجه إليه الناس بالحمد:

(لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد)..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وإن سألهم سائل: مَن خلق السماوات والأرض يقولوا خلقهن الله، وذلك تسخيف لعقولهم التي تجمع بين الإقرار لله بالخلق وبين اعتقاد إلهية غيره.

والمراد بالسماوات والأرض: ما يشمل ما فيها من المخلوقات ومن بين ذلك حجارة الأصنام.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

{قل الحمد لله} تلقين لكل مؤمن أن يحمد الله ويشكره على ما هداه إليه من نعمة الإيمان، إذ لا نعمة تعادلها بالنسبة لسعادة الإنسان.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

ولما كان من أعجب العجب مجادلتهم مع إقرارهم بما يلزمهم به قطعاً التسليم في أنه الواحد لا شريك له وأن له{[54124]} جميع صفات الكمال فله{[54125]} الحمد كله{[54126]} ، قال : { ولئن } أي يجادلون أو{[54127]} يقولون : بل نتبع آباءنا والحال أنهم إن { سألتهم من خلق السماوات } بأسرها { والأرض } وجميع{[54128]} ما فيها { ليقولن } {[54129]}ولما كان الأنسب للحكمة التي هي مطلع السورة الاقتصار على محل الحاجة ، لم يزد هنا على المسند{[54130]} إليه بخلاف الزخرف{[54131]} التي مبناها الإبانة ، فقال لافتاً القول عن{[54132]} العظمة إلى أعظم منها فقال : { الله } أي{[54133]} " {[54134]}المسمى بهذا الاسم الذي جمع مسماه بين الجلال والإكرام{[54135]} " فقد أقروا بأن كل ما أشركوا به بعض خلقه ومصنوع من مصنوعاته .

ولما كانوا يعتقدون أن شركاءهم تفعل لهم بعض الأفعال ، فلذلك كانوا يرجونهم ويخافونهم ، كما أن ذلك واضح في قصة عم أنس الصم وغيرها ، أمره صلى الله عليه وسلم بأن يعلمهم أنه لا خلق لغيره ولا أمر ، بل هو مبدع كل شيء في السماوات والأرض كما أبدعهما{[54136]} ، وأن من جملة ذلك مما يستحق به الحمد سبحانه قهرهم على تصديقه صلى الله عليه السلام بمثل{[54137]} هذا الإقرار وهم في غاية التكذيب ، فقال مستأنفاً{[54138]} : { قل الحمد } أي الإحاطة بجميع أوصاف الكمال { لله } أي الذي له الإحاطة الشاملة الكاملة من غير تقييد بخلق الخافقين ولا غيره " الأمر أعظم من مقالة قائل{[54139]} " كما أحاط بما تعلمونه من خلق السماوات والأرض ، فهو فاعل الأفعال كلها ، كما أنه خالق الذوات كلها ، ولا شريك له في شيء من الأمر ، كما أنه لا شريك له في شيء من الخلق .

ولما كانوا يظنون أن أصنامهم تصنع شيئاً كما قالت امرأة ذي النور الدوسي رضي الله عنه : هل{[54140]} يخشى على الصبية من ذي الشرى ، وكما قال قوم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه لما سب آلهتهم : اتق{[54141]} الجذام اتق{[54142]} البرص ، وكما قال سادن العزى ، وكما قالت ثقيف في طاغيتهم ، حتى أنهم قالوا عندما سويت بالأرض ، والله ليغضبن{[54143]} الأساس ، حتى حمل ذلك المغيرة بن شعبة رضي الله عنه على أن حفر الأساس ، وكانوا إذا مستهم الضراء لا سيما في البحر تبرؤوا منها ، وأسندوا الأمر إلى من هو له كما {[54144]}هو مضمون التوحيد{[54145]} ، فكان ربما قال قائل استناداً{[54146]} إلى ذلك : إنهم ليعلمون ما أثبت بالتحميد ، قال : { بل أكثرهم لا يعلمون * } أي إن الله هو المتفرد بكل شيء كما أنه تفرد بخلق السماوات والأرض ، وأنه لا يكون شيء ، إلا بإذنه لأنهم لا يعملون بما يعلمون من ذلك ، وعلم لا يعمل به عدم ، بل العدم{[54147]} خير منه ، وكان {[54148]}القليل هم{[54149]} المقتصدون عند النجاة من الشدة{[54150]} كما سيأتي آنفاً ، أو{[54151]} يكون المعنى أنه لا علم لهم أصلاً إذ لو كان لهم علم لنفعهم في علمهم بالله ، أو في أنهم لا يقرون بتفرده سبحانه بالخلق والرزق ، فيكون ذلك موجباً لتناقضهم وملزماً{[54152]} لهم بالإقرار بصدقك في الحكم بوحدانيته على الإطلاق .


[54124]:تأخر في الأصل عن "الكمال" والترتيب من ظ وم ومد.
[54125]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: "و".
[54126]:زيد في الأصل: له، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54127]:في ظ "و".
[54128]:من م ومد، وفي الأصل وظ: جمع.
[54129]:العبارة من هنا إلى "أعظم منها فقال" سقطت من م.
[54130]:من ظ ومد، وفي الأصل: المستند.
[54131]:من ظ ومد، وفي الأصل: الزجر، وراجع من الزخرف آية 9.
[54132]:من ظ ومد، وفي الأصل: إلى.
[54133]:زيد من ظ ومد.
[54134]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54135]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54136]:في ظ ومد: ابتدعهما.
[54137]:زيد من ظ وم ومد.
[54138]:سقط من م.
[54139]:العبارة من "أي الذي" في م ومن "من غير" في ظ ساقطة إلى هنا.
[54140]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بل.
[54141]:من مد، وفي الأصل وظ وم: اتقى.
[54142]:من مد، وفي الأصل وظ وم: اتقى.
[54143]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ليقضن.
[54144]:العبارة من هنا إلى "بالتحميد" ساقطة من ظ ومد.
[54145]:في م: التحميد.
[54146]:من م، وفي الأصل: إسنادا.
[54147]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: العلم.
[54148]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: القيل هو ـ كذا.
[54149]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: القيل هو ـ كذا.
[54150]:زيدت الواو في ظ.
[54151]:في ظ ومد "و".
[54152]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ملزوما.