تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

الآية 25 وقوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } أخبر رسوله أنك لو سألتهم : من خلق السماوات والأرض يقولون ذلك ، ويجيبونك : الله خلقها .

ثم يخرّج قوله : { قل الحمد لله } على إثر إقرارهم له بالتوحيد له والتفرد بالخلق على وجهين :

أحدهما : أمر رسوله بالحمد له لما لا يحتاج إلى إقامة الحجة على وحدانية الله وربوبيته سوى إقرارهم ؛ إذ قد أقروا له بالوحدانية في ما ذكر . فعلى ذلك يلزمهم ذلك في كل شيء : دق ، أو جلّ ، فيقع الأمر بالحمد له على ذلك .

[ والثاني ]( {[16270]} ) : يأمر رسوله بالحمد له لما أنجاه ، وخلصه ، وسلمه ، مما ابتلوا هم ، وفتنوا من التكذيب وعبادة الأصنام بعد إقرارهم بالوحدانية له والألوهية .

فحمده على أفضاله عليه ورحمته وعصمته له بين أولئك الكفرة . على هذين الوجهين يخرّج تأويل الحمد على ما ذكر ، والله أعلم .

ويكون قوله : { بل أكثرهم لا يعلمون } مقطوعا مفصولا من قوله : { قل الحمد لله } إذ لو لم يجعل مفصولا منه لخرج الأمر بالحمد له في الظاهر على ما لم يعلم أولئك ، وذلك لا يصح .

ثم قوله : { بل أكثرهم لا يعلمون } يخرّج على وجوه :

أحدها : ما ذكرنا أنه نفى عنهم العلم( {[16271]} ) لما لم ينتفعوا بما علموا على ما نفى عنهم حواس ، كانت لهم ، لما لم ينتفعوا بها من نحو البصر والسمع واللسان ونحوه . فعلى ذلك العلم .

والثاني : لا يعلمون لما تركوا النظر والتفكر في أسباب العلم .

[ والثالث ]( {[16272]} ) : أن يكون قوله ههنا : { بل أكثرهم لا يعلمون } أن عبادتهم الأصنام لا تقربهم إلى الله زلفى ، ولا( {[16273]} ) تشفع لهم لأنهم إنما كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تزلفهم إلى الله ورجاء أن يكونوا لهم شفعاء عند الله بقولهم : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] وقولهم( {[16274]} ) : { ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] .

[ والرابع ]( {[16275]} ) : أن يكونوا لم يعلموا بجزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، في( {[16276]} ) الآخرة ، والله أعلم .


[16270]:في الأصل وم: أو.
[16271]:أدرج بعدها في الأصل: على حقيقة العلم.
[16272]:في الأصل وم: أو.
[16273]:الواو ساقطة من الأصل.
[16274]:في الأصل وم: و.
[16275]:في الأصل وم: أو.
[16276]:من م، في الأصل: و.