الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{لَا يَمَسُّهُمۡ فِيهَا نَصَبٞ وَمَا هُم مِّنۡهَا بِمُخۡرَجِينَ} (48)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر عنهم سبحانه، فقال: {لا يمسهم فيها نصب}، يقول: لا تصيبهم فيها مشقة في أجسادهم، كما كان في الدنيا، {وما هم منها}، من الجنة، {بمخرجين} أبدا، ولا بميتين أبدا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

لا يَمَسّ هؤلاء المتقين الذين وصف صِفتهم في الجنات "نَصَب"، يعني تَعَب. "وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرِجِينَ "يقول: وما هم من الجنة ونعيمها وما أعطاهم الله فيها بمخرجين، بل ذلك دائم أبدا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{لا يمسهم فيها نصب}.. أخبر أنه لا عناء يمسهم كما يكون في الدنيا، لأن في الدنيا من أطال المقام في موضع يمل من ذلك ويسأم، وكذلك إذا أكثر من نوع من الطعام أو الشراب والفاكهة يمل من ذلك ويسأم ويؤذيه ولا يوافقه. فأخبر أن أهل الجنة لا يملون، ولا يؤذيهم طعامهم وإن أكثروا.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أي لا يلحقهم تعبٌ؛ لا بنفوسهم ولا بقلوبهم. وإذا أرادوا أمراً لا يحتاجون إلى أن ينتقلوا من مكانٍ إلى مكان، ولا تحار أبصارهم، ولا يلحقهم دَهَشٌ، ولا يتغير عليهم حالٌ عما هم عليه من الأمر، ولا تشكل عليه صفة من صفات الحق. {وَمَا هُم مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} أي لا يلحقهم ذلُّ الإخراج بل هم بدوام الوصال.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(وما هم منها بمخرجين) هذا أنص آية في القرآن على الخلود؛ هكذا قال أهل العلم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{لا يمسهم فيها نصب} إشارة إلى نفي المضار الجسمانية.

لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ :

...والمراد منه خلود بلا زوال وبقاء بلا فناء، وكمال بلا نقصان وفوز بلا حرمان...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

...ولما كانت الدنيا محل تعب بما يقاسى فيها من طلب المعيشة، ومعاناة التكاليف الضرورية لحياة الدنيا وحياة الآخرة، ومعاشرة الأضداد، وعروض الآفات والأسقام، ومحل انتقال منها إلى دار أخرى مخوف أمرها عند المؤمن، لا محل إقامة، أخبر تعالى بانتفاء ذلك في الجنة بقوله: لا يمسهم فيها نصب. وإذا انتفى المس، انتفت الديمومة. وأكد انتفاء الإخراج بدخول الباء في:"بمخرجين"..

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} أي تعب بألا يكونَ لهم فيها ما يوجبه من الكدّ في تحصيل ما لا بُدّ لهم منه، لحصول كل ما يريدونه من غير مزاولةِ عملٍ أصلاً، أو بأن لا يعتريَهم ذلك وإن باشروا الحركاتِ العنيفة لكمال قوتِهم..

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

لا يمسهم فيها نصب ولا يخافون منها خروجا. جزاء ما خافوا في الأرض واتقوا فاستحقوا المقام المطمئن الآمن في جوار الله الكريم...

(إن المتقين في جنات وعيون. ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين).. إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض؛ ولا تحويلهم خلقا آخر. ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غل في الدنيا؛ وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب بها الإيمان والإسلام من جذورها؛ ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها، ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب في الله والكره في الله -وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟- ولكنهم في الجنة -وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا- ينزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم؛ ولا تكون إلا الأخوة الصافية الودود.. إنها درجة أهل الجنة.. فمن وجدها في نفسه غالبة في هذه الأرض، فليستبشر بأنه من أهلها، مادام ذلك وهو مؤمن، فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيره الأعمال..