الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال قائل من أهل الجنة إذ أقبل بعضهم على بعض يتساءلون:"إني كانَ لي قَرِينٌ" فاختلف أهل التأويل في القرين الذي ذُكر في هذا الموضع؛ فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانا، وهو الذي كان يقول له: "أئِنّكَ لَمِنَ المُصَدّقِينَ "بالبعث بعد الممات...

وقال آخرون: ذلك القرين شريك كان له من بني آدم أو صاحب... عن ابن عباس، قوله: "قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إنّي كانَ لِي قَرِينٌ يقول أئِنّكَ لَمِنَ المُصَدّقِينَ" قال: هو الرجل المشرك يكون له الصاحب في الدنيا من أهل الإيمان، فيقول له المشرك: إنك لتُصدّق بأنك مبعوث من بعد الموت أئذا كنا ترابا؟ فلما أن صاروا إلى الاَخرة وأدخل المؤمُن الجنة، وأدخل المشرك النار، فاطلع المؤمن، فرأى صاحبه في سَواء الجحيم "قَالَ تَاللّهِ إنْ كِدْتَ لُتردِينِ"... وقوله: "أئِنّا لَمَدِينُونَ" يقول: أئنا لمحاسبون ومجزيّون بعد مصيرنا عظاما ولحومنا ترابا.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

أخبر الله تعالى عن قول {قائل منهم} في قصته؛ فهو مثال لكل من له {قرين} سوء يعطي هذا المثال التحفظ من قرناء السوء، واستشعار معصيتهم، وعبر عن قول هذا الرجل بالمضي من حيث كان أمراً متيقناً حاصلاً لا محالة.

وقالت فرقة: هما اللذان ذكر الله تعالى في قوله {يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً} [الفرقان: 28].

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

حكى تعالى عن بعضهم ما حكى، يتذكر بذلك نعمه تعالى عليه، حيث هداه إلى الإيمان واعتقاد وقوع البعث والثواب والعقاب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما تشوف السامع إلى سماع شيء منها يكون نموذجاً للباقي، أشار إلى ذلك بقوله مستأنفاً: {قال قائل منهم} أي في هذا التساؤل، وشتان ما بينه وبين ما مضى خبره من تساؤل أهل النار.

ولما كان ظنه أنه لا يخلص من شر ذلك القرين الذي يحدث عنه فنجاه الله منه على خلاف الظاهر، فكان ذلك إحدى النعم الكبرى، نبه عليه بالتأكيد فقال: {إني كان لي قرين} أي جليس من الناس كأنه شيطان مبين

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

يقُولُ لي: على طريقة التَّوبيخِ بما كنت عليه من الإيمان والتَّصديقِ بالبعث.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب، والمعنى: فهنا قد صدقنا ربنا وعده، وأحل بالقرين وعيده.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

قال قائل من أهل الجنة: إني كان لي قرين في الدنيا يوبخني على التصديق بالبعث والقيامة، ويستنكره أشد الاستنكار، ويقول متعجبا: أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمحاسبون بعد ذلك على أعمالنا وما قدمته أيدينا؟ ألا إن ذلك لا يدخل في باب الإمكان ولا يقبله عاقل، فأجدر بمن يصدق بمثل هذا أن يعد من البله والمجانين الذين لا ينبغي مخاطبتهم ولا الدخول معهم في بابا الجدل والخصام، فهم ساقطون من درجة الاعتبار لدى العقلاء والمنصفين.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

القرين: المصاحب الملازم شبهت الملازمة الغالبة بالقرْن بين شيئين بحيث لا ينفصلان، أي يقول له صاحبه لما أَسلم وبقي صاحبه على الكفر يجادله في الإِسلام ويحاول تشكيكه في صحته رجاء أن يرجع به إلى الكفر كما قال سعيد بن زيد: « لقد رأيتُني وإنَّ عُمر لمُوثقي على الإِسلام» أي جاعلني في وثاق لأجل أني أسلمت، وكان سعيد صهر عُمر زوْجَ أخته.