الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٞ} (51)

ثم أخْبَرَ تعالى عَنْ قَوْلِ قائِلٍ منهم في قِصَّتِهِ ، وهو مثالٌ لِكُلِّ مَنْ لَهُ قَرِينُ سَوْءٍ ، فَيُعْطِي هَذَا المثالُ التَّحَفُّظَ مِنْ قُرَنَاءِ السوءِ . قال الثعلبيُّ : قوله : { إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } قال مجاهد : كان شَيْطَاناً ، انتهى . وقال ابنُ عباس وغيره : كان هذانِ منَ البَشَرِ ؛ مُؤمِنٌ وكَافِرٌ ، وقال فُرَاتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ البَهْرَانِيُّ في قَصَصِ هَذَيْنِ : إنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ بثمانيةِ آلاف دينارٍ ، فكَانَ أحدُهُمَا مَشْغُولاً بِعِبَادةِ اللَّهِ ، وكان الآخرُ كافراً مُقْبِلاً على مَالِهِ ، فَحَلَّ الشَّرِكَةَ مع المؤمِنِ وَبقيَ وَحْدَه لِتَقْصِيرِ المؤمِنِ في التِّجَارَةِ ، وجَعَلَ الكَافِرُ كُلَّمَا اشْتَرَى شَيْئاً من دَارٍ أو جَاريةٍ أو بستانٍ ونحوِهِ ، عرضه عَلى المؤمِنِ وفَخَرَ عليه ، فَيَمْضِي المؤمِنُ عندَ ذلكَ ، وَيَتَصَدَّقُ بنحوِ ذلك ؛ لِيَشْتَرِي بِه من اللَّهِ تعالى في الجَنَّةِ ، فكانَ مِنْ أمرِهمَا في الآخِرَةِ ما تَضَمَّنَتْهُ هذه الآية ، وحكى السُّهَيْلِيُّ أن هذين الرجلَيْنِ هما المذكورانِ في قوله تعالى : { واضرب لَهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أعناب } الآية [ الكهف : 32 ] انتهى .