وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { إني كان لي قرين } قال : شيطان .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : كان رجلان شريكين ، وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها ، فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضاً ، فقال صاحبه : اللهم إن فلاناً اشترى بألف دينار أرضاً ، وإني أشتري منك بألف دينار أرضاً في الجنة . فتصدق بألف دينار ، ثم ابتنى صاحبه داراً بألف دينار ، فقال هذا : اللهم إن فلاناً ابتنى داراً بألف دينار ، وإني أشتري منك داراً في الجنة بألف دينار . فتصدق بألف دينار ، ثم تزوج صاحبه امرأة ، فانفق عليها ألف دينار فقال : اللهم إن فلاناً تزوج امرأة ، فانفق عليها ألف دينار ، وإن أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار . فتصدق بألف دينار ، ثم اشترى خدماً ومتاعاً بألف دينار ، وإني أشتري منك خدماً ومتاعاً بألف دينار . فتصدق بألف دينار .
ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف ، فجلس على طريقه ، فمر به في حشمه وأهله ، فقام إليه الآخر ، فنظر فعرفه فقال فلان . . . ؟ ! فقال : نعم . فقال : ما شأنك ؟ فقال : أصابتني بعدك حاجة ، فأتيتك لتصيبني بخير قال : فما فعل فقد اقتسمناه مالاً واحداً ، فأخذت شطره . فقال : اشتريت داراً بألف دينار ، ففعلت أنا كذلك ، وفعلت أنا كذلك . فقص عليه القصة فقال : إنك لمن المصدقين بهذا ، اذهب فوالله لا أعطيك شيئاً ، فرده فقضى لهما أن توفيا ، فنزلت فيهما { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } حتى بلغ { أئنا لمدينون } قال : لمحاسبون .
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله { إني كان لي قرين } قال : ذكر لي أن رجلين كان شريكين ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار ، فكان أحدهما ليس له حرفة ، والآخر له حرفة فقال : إنه ليس لك حرفة ، فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك ، فقاسمه ثم فارقه . ثم إن أحد الرجلين اشترى داراً كانت لملك بألف دينار ، فدعا صاحبه ثم قال : كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار ؟ فقال : ما أحسنها ! فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار ، وإني أسألك داراً من الجنة . فتصدق بألف دينار .
ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم تزوّج امرأة بألف دينار ، فدعاه وصنع له طعاماً ، فلما أتاه قال : إني تزوّجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا ؟ فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي تزوّج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين .
فتصدق بألف دينار ، ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم اشترى بستانين بألفي دينار ، ثم دعاه فأراه وقال : إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال : ما أحسن هذا ؟ فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار ، وإني أسألك بستانين في الجنة . فتصدق بألفي دينار .
ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ، فانطلق بهذا المتصدق ، فأدخله داراً تعجبه ، فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ، ثم أدخله البستانين وشيئاً الله به عليم فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا . وكذا . . قال : فإنه ذلك ، ولك هذا المنزل ، والبستانان ، والمرأة فقال { إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين } قيل له : فإنه في الجحيم قال { فهل أنتم مطلعون ، فاطلع فرآه في سواء الجحيم } فقال عند ذلك { تالله إن كدت لتردين } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كانا شريكين في بني إسرائيل . أحدهما مؤمن . والآخر كافر ، فافترقا على ستة آلاف دينار ، كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار . ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك ، أضربت به شيئاً اتجرت به في شيء ؟ قال له المؤمن : لا . فما صنعت أنت ؟ قال : اشتريت به نخلاً ، وأرضاً ، وثماراً ، وأنهاراً ، بألف دينار فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل ، فصلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ، ثم قال : اللهم إن فلاناً - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضاً ، ونخلاً ، وثماراً ، وأنهاراً ، بألف دينار ، ثم يموت ويتركها غداً . اللهم وإني اشتري منك بهذه الألف دينار أرضاً ، ونخلاً ، وثماراً ، وأنهاراً ، في الجنة . ثم أصبح فقسمها للمساكين .
ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت ، أضربت به في شيء ، اتجرت به ؟ قال : لا . قال : فما صنعت أنت ؟ قال : كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها ، فاشتريت رقيقاً بألف دينار ، يقومون لي ، ويعملون لي فيها . فقال المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل ، صلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ ألف دينار ، فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلاناً اشترى رقيقاً من رقيق الدنيا بألف دينار ، يموت غداً فيتركهم ، أو يموتون فيتركونه ، اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقاً في الجنة . ثم أصبح فقسمها بين المساكين .
ثو مكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ، أضربت به في شيء ، اتجرت به في شيء ؟ قال : لا . فما صنعت أنت ؟ قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئاً واحداً ، فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار ، فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال له نعم . فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية ، فوضعها بين يديه ، وقال : اللهم إن فلاناً تزوّج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار ، ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه ، اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة . ثم أصبح فقسمها بين المساكين ، فبقي المؤمن ليس عنده شيء .
فلبس قميصاً من قطن ، وكساء من صوف ، ثم جعل يعمل ويحفر بقوته فقال رجل : يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة ؛ شهراً بشهر ، تقوم على دواب لي ؟ قال : نعم . فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه ، فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ، ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة . فلما رأى المؤمن الشدة قال : لآتين شريكي الكافر ، فلأعملن في أرضه ، يطعمني هذه الكسرة يوماً بيوم ، ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا .
فانطلق يريده ، فانتهى إلى بابه ، وهم مُمْسٍ ، فإذا قصر في السماء ، وإذا حوله البوابون فقال لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر ، فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له : انطلق فإن كنت صادقاً فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له . فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام ، فلما أصبح أتى شريكه ، فتعرض له ، فخرج شريكه وهو راكب ، فلما رآه عرفه ، فوقف فسلم عليه وصافحه ، ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك ؟ قال : لا تسألني عنه قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت أعمل في أرضك هذه ، تطعمني هذه الكسرة يوماً بيوم ، وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال : لا ترى مني خيراً حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال : أقرضته من الملأ الوفي قال : من ؟ قال : الله ربي ، وهو مصافحه ، فانتزع يده ثم قال { أئنك لمن المصدقين ، أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون } وتركه ، فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع ، وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ، ويعيش الكافر في رخاء من الزمان .
فإذا كان يوم القيامة ، وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ، ونخل ، وأنهار ، وثمار ، فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هذا لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هؤلاء لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عيناء فيقول : لمن هذه ؟ فيقال : هذه لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ثم يذكر شريكه الكافر فيقول { إني كان لي قرين ، يقول أئنك لمن المصدقين } فالجنة عالية ، والنار هاوية ، فيريه الله شريكه في وسط الجحيم ، من بين أهل النار ، فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول { تالله إن كدت لتردين ، ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ، أفما نحن بميتين ، إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ، إن هذا لهو الفوز العظيم ، لمثل هذا فليعمل العاملون } بمثل ما قدمت عليه قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { أئنا لمدينون } قال : لمحاسبون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.