الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالُوٓاْ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ} (111)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فرد عليه كبراء قومه: {قالوا أرجه وأخاه}، يقول: أرجئ أمرهم، يقول: أوقف أمرهم حتى ننظر في أمرهما. {وأرسل في المدائن حاشرين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم فرعون لفرعون: أرجئه: أي أخره. وقال بعضهم: معناه: احبس. والإرجاء في كلام العرب: التأخير، يقال منه: أرجيت هذا الأمر وأرجأته إذا أخرته... وأما قوله:"وأرْسِلْ فِي المَدَائِنِ حاشِرِينَ" يقول: من يحشر السحرة فيجمعهم إليك...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ومعنى الآية أن قوم فرعون أشاروا عليه بأن يؤخر موسى وأخاه إلى أن يرسل في بلاد مملكته حاشرين... يحشرون من يعلمونه من السحرة والعالمين بالسحر ليقابل بينهم وبين موسى جهلا منهم بأن ذلك ليس بسحر، ومثله في عظم الإعجاز لا تتم فيه الحيلة، لأن السحر هو كل أمر يوهموه على من يراه، ولا حقيقة له، وإنما يشتبه ذلك على الجهال والأغبياء دون العقلاء المحصلين.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

تَوهَّمَ الناسُ أنهم بالتأخير، وتقديم التدبير، وبذل الجهد والتشمير يُغَيِّرون شيئاً من التقدير بالتقديم أو بالتأخير، ولم يعلموا أن القضاءَ غالِبٌ، وأنَّ الحكمَ سابقٌ، وعند حلول الحكم فلا سلطانَ للعلم والفهم، والتسرع والحِلْم.. كلا، بل هو الله الواحد القهار العلاَّم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أشار الملأ على فرعون بأن يؤخر موسى وهارون ويدع النظر في أمرهما ويجمع السحرة من كل مكان حتى تكون غلبة موسى بحجة واضحة معلومة بينة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{أرجه} أي أخره. ومعنى أخره: أي أخر أمره ولا تعجل في أمره بحكم، فتصير عجلتك حجة عليك، والمقصود أنهم حاولوا معارضة معجزته بسحرهم، ليكون ذلك أقوى في إبطال قول موسى عليه السلام. أما قوله: {وأرسل في المدائن حاشرين} ففيه مسألتان: المسألة الأولى: هذه الآية تدل على أن السحرة كانوا كثيرين في ذلك الزمان وإلا لم يصح قوله: {وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم} ويدل على أن في طباع الخلق معرفة المعارضة، وإنها إذا أمكنت فلا نبوة، وإذا تعذرت فقد صحت النبوة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان كأنه قيل: فعلى أيّ شيء استقر رأيهم؟ فقيل: على تأخير الأمر إلى حشر السحرة للمعارضة، أخبر تعالى، دلالة على أن أصل قول الملأ منه، أنهم أقبلوا عليه مخاطبين له ملفتين من أبلغهم عنه تعظيماً له مسندين الأمر إليه بقوله: {قالوا} أي الملأ لفرعون بعدما استقر في أذهانهم ما نصبوه إليه من الإرادة {أرجه} أي موسى عليه السلام {وأخاه} أي أخرهما تنفيساً لنا من هذا الخناق إلى وقت ما حتى ننظر في أمرهما {وأرسل في المدائن} أي من ملك مصر {حاشرين} يحشرون لك السحرة ويجمعونهم من كل فج عميق، والحشر: الجمع بكره.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى: أخّرْ المجادلة مع موسى إلى إحضار السحرة الذين يدافعون سحره، وحكى القرآن ذكر الأخ هنا للإشارة إلى أنه طوي ذكره في أول القصة، وقد ذكر في غير هذه القصة ابتداء.

وعدي فعل الإرسال (بفي) دون (إلى) لأن الفعل هنا غير مقصود تعديته إلى المرسل إليهم بل المقصود منه المرسَلون خاصة، وهو المفعول الأول، إذ المعنى: وأرسل حاشرين في المدائن يأتوك بالسّحرة، فعُلم أنهم مرسلون للبحث والجلب لا للإبلاغ... والحاشرون الذين يحشرون الناس ويجمعونهم.

والشأن أن يكون ملأ فرعون عقلاءَ أهلَ سياسة، فعلموا أن أمر دعوة موسى لا يكاد يخفى. وأن فرعون إنْ سجنه أو عاند، تحقق الناس أن حجة موسى غلبت، فصار ذلك ذريعة للشك في دين فرعون، فرأوا أن يلاينوا موسى، وطمعوا أن يوجد في سحَرة مصر من يدافع آيات موسى، فتكون الحجة عليه ظاهرة للناس.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

كان أمرا خطيرا ذلك الذي جاء به موسى، فما تعودوا من فرعون إلا أن يأمر وحده، وأن يطاع وحده فيجيء من تربى في بيته، ويصدع بين يديه بالحق، يشتد في دعوته، ويجيء الكبراء يحرضون الشعب عليه، إنه لأمر خطير، لم يعهدوه، فلا بد أن تجمع الجموع لتتضافر في مقاومته تضافرت القوى ضد موسى وهارون، إذ جابها فرعون بإنكار ألوهيته الموهومة، وحرض ملؤه الناس بأنهما يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}. فكأنه كان يطلب منهم الرأي فورا، لكنهم قالوا إن المسألة تحتاج إلى تمهل وبطء، وأول درجات البطء والتمهل أن يُستدعى القوم الذين يفهمون في السحر. فما دمنا نقول عن موسى: إنه ساحر، فلنواجهه بما عندنا من سحر: وقبول فرعون لهذه المشورة هدم لألوهيته؛ لأنه يدعي أنه إله ويستعين بمألوه هم السحرة، والسحرة أتباع له.