يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى ، عليه السلام ، وأخاه هارون إلى فرعون وملئه ، بالآيات والحجج الدامغات ، والبراهين القاطعات ، وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما ، والانقياد لأمرهما ، لكونهما بَشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر ، تشابهت قلوبهم ، فأهلك الله فرعون وملأه ، وأغرقهم في يوم واحد أجمعين ، وأنزل على موسى الكتاب - وهو التوراة - فيها أحكامه وأوامره ونواهيه ، وذلك بعد ما قصم الله فرعون والقبط ، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر ؛ وبعد أن أنزل الله التوراة لم يهلك أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 43 ] .
{ فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا } ثنى البشر لأنه يطلق للواحد كقوله { بشرا سويا } كما يطلق للجمع كقوله : { فإما ترين من البشر أحدا } ولم يئن المثل لأنه في حكم المصدر ، وهذه القصص كما نرى تشهد بأن قصارى شبه المنكرين للنبوة قياس حال الأنبياء على أحوالهم لما بينهم من المماثلة في الحقيقة وفساده يظهر للمستبصر بأدنى تأمل ، فإن النفوس البشرية وإن تشاركت في أصل القوى والإدراك لكنها متباينة الأقدام فيهما ، وكما ترى في جانب النقصان أغبياء لا يعود عليهم الفك برادة ، يمكن أن يكون في طرف الزيادة أغنياء عن التفكر والتعلم في أكثر الأشياء وأغلب الأحوال ، فيدركون ما لا يدرك غيرهم ويعلمون ما لا ينتهي إليه علمهم ، وإليه أشار بقوله تعالى : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } { وقومهما } يعني بني إسرائيل . { لنا عابدون } خادمون منقادون كالعباد .
وقوله { عابدون } معناه خامدون متذللون ، ومن هنا قيل لعرب الحيرة العباد لأَنهم دخلوا من بين العرب في طاعة كسرى ، هذا أَحد القولين في تسميتهم والطريق المعبد المذلل وعلو هؤلاء هو الذي ذكر الله تعالى في قوله { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً }{[1]} [ القصص : 83 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.