المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

29- وما تشاءون شيئاً إلا أن يشاء الله رب العالمين ذلك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله ، وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله ولا شراً إلا بخذلانه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

فإذا سجل عليهم إمكان الهدى ، ويسر الاستقامة ، عاد لتقرير الحقيقة الكبرى وراء مشيئتهم . حقيقة أن المشيئة الفاعلة من وراء كل شيء هي مشيئة الله سبحانه . .

( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) . .

وذلك كي لا يفهموا أن مشيئتهم منفصلة عن المشيئة الكبرى ، التي يرجع إليها كل أمر . فإعطاؤهم حرية الاختيار ، ويسر الاهتداء ، إنما يرجع إلى تلك المشيئة . المحيطة بكل شيء كان أو يكون !

وهذه النصوص التي يعقب بها القرآن الكريم عند ذكر مشيئة الخلائق ، يراد بها تصحيح التصور الإيماني وشموله للحقيقة الكبيرة : حقيقة أن كل شيء في هذا الوجود مرده إلى مشيئة الله . وأن ما يأذن به للناس من قدرة على الاختيار هو طرف من مشيئته ككل تقدير آخر وتدبير . شأنه شأن ما يأذن به للملائكة من الطاعة المطلقة لما يؤمرون ، والقدرة الكاملة على أداء ما يؤمرون . فهو طرف من مشيئته كإعطاء الناس القدرة على اختيار أحد الطريقين بعد التعليم والبيان .

ولا بد من إقرار هذه الحقيقة في تصور المؤمنين ، ليدركوا ما هو الحق لذاته . وليلتجئوا إلى المشيئة الكبرى يطلبون عندها العون والتوفيق ، ويرتبطون بها في كل ما يأخذون وما يدعون في الطريق !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } أي : ليست المشيئة موكولة إليكم ، فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل ، بل ذلك كله تابع لمشيئة الله عز وجل رب العالمين .

قال سفيان الثوري ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى : لما نزلت هذه الآية : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ } قال أبو جهل : الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم . فأنزل الله : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{[29797]} } .

آخر تفسير سورة " التكوير " ولله الحمد [ والمنة ]{[29798]} .


[29797]:- (3) رواه الطبري في تفسيره (30/53).
[29798]:- (4) زيادة من م.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

يجوز أن تكون تذييلاً أو اعتراضاً في آخر الكلام .

ويجوز أن تكون حالاً . والمقصود التكميل والاحتراس في معنى لمن شاء منكم أن يستقيم ، أي ولمن شاء له ذلك من العالمين ، وتقدم في آخر سورة الإنسان قوله تعالى : { إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً وما تشاءون إلا أن يشاء اللَّه إن اللَّه كان عليماً حكيماً } [ الإنسان : 29 ، 30 ] .

والفرق بينهما أن في هذه الآية وُصف الله تعالى ب { ربُّ العالمين } وهو مفيد التعليل لارتباط مشيئة من شاء الاستقامة من العالمين لمشيئة الله ذلك لأنه رب العالمين فهو الخالق فيهم دواعيَ المشيئة وأسبابَ حصولها المتسلسلة وهو الذي أرشدهم للاستقامة على الحق ، وبهذا الوصف ظهر مزيد الاتصال بين مشيئة الناس الاستقامة بالقرآن وبين كون القرآن ذكراً للعالمين .

وأما آية سورة الإنسان فقد ذيلت : { إنَّ الله كان عليماً حكيماً } [ الإنسان : 30 ] أي فهو بعلمه وحكمته ينوط مشيئته لهم الاستقامة بمواضع صلاحيتهم لها فيفيد أن من لم يشأ أن يتخذ إلى ربه سبيلاً قد حرمه الله تعالى من مشيئته الخير بعلمه وحكمته كناية عن شقائهم .

و { ما } نافية ، والاستثناء من مصادر محذوفة دل عليها قوله : { إلا أن يشاء اللَّه } وتقدم بيان ذلك في سورة الإنسان .

وفي هذه الآية وآية سورة الإنسان إفصاح عن شرف أهل الاستقامة بكونهم بمحل العناية من ربّهم إذا شاء لهم الاستقامة وهيأهم لها ، وهذه العناية معنى عظيم تحير أهل العلم في الكشف عنه ، فمنهم من تطوح به إلى الجبر ومنهم من ارتمى في وهدة القدر ، ومنهم من اعتدل فجزم بقوة للعباد حادثة يكون بها اختيارهم لسلوك الخير أو الشر فسماها بعض هؤلاء قدرة حادثة وبعضهم سماها كسباً . وحملوا ما خالف ذلك من ظواهر الآيات والأخبار على مقام تعليم الله عبادَه التأدب مع جلاله .

وهذا أقصى ما بلغت إليه الأفهام القويمة في مجامل متعارض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية . ومن ورائه سلك دقيق يشُدّه قد تقصر عنه الأفهام .