قوله : { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ } بدل من «للعالمين » بإعادة العامل ، وعلى هذا فقوله : { أَن يَسْتَقِيمَ } : مفعول «شاء » أي : لمن شاء الاستقامة ، ويجوز أن يكون «لمن شاء » خبراً مقدماً ، ومفعول شاء محذوف ، وأن يستقيم مبتدأ ، وتقدم نظيره والمعنى : لمن شاء منكم أن يستقيم .
قال أبو جهل : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم وهذا هو القدر ، وهو رأس القدرية . فنزلت : { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين } ، فبين بهذا أنه لا يعمل العبد خيراً إلا بتوفيق الله تعالى ، ولا شرًّا إلا بخذلانه .
قوله : { إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله } ، أي : إلا وقت مشيئة الله تعالى .
وقال مكيٌّ : «أن » في موضع خفض بإضمار «الباء » ، أو في موضع نصب بحذف الخافض .
يعني : أن الأصل «إلا بأن » ، وحينئذ تكون للمصاحبة .
قال الحسن : والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء الله تعالى لها{[59513]} .
وقال وهب بن منبه - رضي الله عنه - : قرأت في تسعة{[59514]} وثمانين كتاباً مما أنزل الله - تعالى - على الأنبياء : من جعل إلى نفسه شيئاً فقد كفر ، وفي التنزيل : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله } [ الأنعام : 111 ] .
وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } [ يونس : 100 ] .
وقال تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ القصص : 56 ] ، والآيُ في هذا كثيرة وكذلك الأخبار وأن الله - تعالى - هدى بالإسلام ، وأضلَّ بالكفر{[59515]} .
قال ابنُ الخطيب{[59516]} : وهذا عين{[59517]} مذهبنا ؛ لأن الأفعال موقوفة على مشيئتنا ، ومشيئتنا موقوفة على مشيئة الله ، والموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء ، فأفعال العباد ثبوتاً ونفياً موقوفة على مشيئة الله تعالى ، وحمل المعتزلة ذلك على أنها مخصوصة بمشيئة الإلجاء والقهر ، وذلك ضعيف ؛ لأن المشيئة الاختيارية حادثة ، فلا بد من محذوف ، فيعود الكلام . والله تعالى أعلم .
روى الثعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ { إِذَا الشمس كُوِّرَتْ } ، أعاذهُ الله أنْ يَفضحَهُ حِينَ تُنشرُ صَحِيفَتُهُ »{[1]} والله أعلم بالصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.