مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

ثم بين أن مشيئة الاستقامة موقوفة على مشيئة الله فقال تعالى : { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } أي إلا أن يشاء الله تعالى أن يعطيه تلك المشيئة ، لأن فعل تلك المشيئة صفة محدثة فلا بد في حدوثها من مشيئة أخرى فيظهر من مجموع هذه الآيات أن فعل الاستقامة موقوف على إرادة الاستقامة . وهذه الإرادة موقوفة الحصول على أن يريد الله أن يعطيه تلك الإرادة ، والموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء ، فأفعال العباد في طرفي ثبوتها وانتفائها ، موقوفة على مشيئة الله وهذا هو قول أصحابنا ، وقول بعض المعتزلة إن هذه الآية مخصوصة بمشيئة القهر والإلجاء ضعيف لأنا بينا أن المشيئة الاختيارية شيء حادث ، فلا بد له من محدث فيتوقف حدوثها على أن يشاء محدثها إيجادها ، وحينئذ يعود الإلزام ، والله أعلم بالصواب .