تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (29)

الآية 29 : وقوله تعالى : { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } فإن كان قوله : { لمن شاء منكم } على تحقيق المشيئة ، فمعناه : أنكم لا تشاؤون الاستقامة على ما ذكرنا إلا أن يشاء الله .

وإن كان على تحقيق الفعل فتأويله أنكم ما استقمتم على الطريقة إلا بمشيئة الله تعالى .

قال بعضهم : تأويل قوله : { وما تشاءون } إنزال هذا الكتاب ، فأنزله الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم بغير مشيئتكم . وهذا غير محتمل عندنا لأنه قد سبق من القوم الإرادة والسؤال بإرسال الرسول إليهم بقوله : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم } [ فاطر : 42 ] فثبت أنه قد سبق منهم السؤال بإرسال الرسول وإنزال الكتاب عليه ، وكان{[23216]} تأويله ما ذكرنا .

ثم في هذه الآية دلالة أن كل من شاء الله تعالى منه الاستقامة توجد منه الاستقامة ، ولا يجوز أن يشاء من أحد استقامته ، ولا يستقيم كما قالت المعتزلة لأن الله تعالى منّ على من استقام بمشيئة استقامته . فلو لم توجد الاستقامة من كل [ من ]{[23217]} شاء الاستقامة لم يكن للامتنان معنى ، لأن الاستقامة وغير الاستقامة تكون به لا بالله تعالى ، والله المستعان [ ولا حول ولا قوة ، إلا بالله العلي العظيم ]{[23218]}


[23216]:في الأصل وم: ويكنه.
[23217]:من م، ساقطة من الأصل .
[23218]:من م، ساقطة من الأصل.