قوله تعالى : { ذلكم } ، أي : هذا العذاب والضرب الذي عجلته لكم أيها الكفار ببدر .
قوله تعالى : { فذوقوه } عاجلاً .
قوله تعالى : { وأن للكافرين } ، أي : واعلموا وأيقنوا أن للكافرين أجلاً في المعاد .
قوله تعالى : { عذاب النار } . روى عكرمة عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر :عليك بالعير ليس دونها شيء ، فناداه العباس وهو أسير في وثاقه : لا يصلح لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمه ؟ قال : لأن الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك ما وعدك .
{ ذلكم } الخطاب فيه مع الكفرة على طريقة الالتفات ومحله الرفع أي : الأمر ذلكم أو ذلكم واقع أو نصب بفعل دل عليه . { فذوقوه } أو غيره مثل باشروا أو عليكم فتكون الفاء عاطفة . { وأن للكافرين عذاب النار } عطف على ذلكم أو نصب على المفعول معه ، والمعنى ذوقوا ما عجل لكم مع ما أجل لكم في الآخرة . ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أن الكفر سبب العذاب الآجل أو الجمع بينهما . وقرئ { وإن } بالكسر على الاستئناف .
وقوله تعالى : { ذلكم فذوقوه } المخاطبة للكفار ، أي ذلك الضرب والقتل وما وأوقع الله بهم يوم بدر ، فكأنه قال الأمر ذلك فذوقوه وكذا فسره سيبويه ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون { ذلكم } في موضع نصب كقوله زيداً فاضربه ، وقرأ جمهور الناس «وأن » بفتح الألف ، فإما على تقدير وحتم أن . فيقدر على ابتداء محذوف يكون «أن » خبره{[5254]} ، وإما على تقدير : واعلموا أن ، فهي على هذا في موضع نصب ، وروى سليمان عن الحسن بن أبي الحسن و «إن » على القطع والاستئناف .
الخطاب في { ذلكم فذوقوه } للمشركين الذين قُتلوا ، والذين قطعت بنانهم أي يقال لهم هذا الكلام حيث تُضرب أعناقهم وبنانهم بأن يُلْقى في نفوسهم حينما يصابون إن أصابتهم كانت لمشاقتهم الله ورسوله ، فإنهم كانوا يسمعون توعد الله إياهم بالعذاب والبطش كقوله : { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } [ الدخان : 16 ] وقوله : { وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصُدون عن المسجد الحرام } [ الأنفال : 34 ] ونحو ذلك وكانوا لا يخلُون من اختلاج الشك نفوسهم ، فإذا رأوا القتل الذي لم يألفوه ، ورأى الواحد منهم نفسه مضروباً بالسيف ، ضرباً لا يستطيع له دفاعاً ، علم أن وعيد الله تحقق فيه ، فجاش في نفسه أن ذلك لمشاقته الله ورسوله ، ولعلهم كانوا يرون إصابات تصيبهم من غير مَرْئي ، فجملة : { ذلكم فذوقوه } مقول قول محذوف تقديره : قائلين ، هو حالَ من ضمير { فاضربوا فوق الأعناق } [ الأنفال : 12 ] .
واسم الإشارة راجع إلى الضرب المأخوذ من قوله : { فاضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كل بنان } [ الأنفال : 12 ] وهو مبتدأ وخبره محذوف ، فإما أن يقدر ذلك هو العقاب الموعود ، وإما أن يكون مما دل عليْه قوله : { بأنهم شاقوا الله ورسوله } [ الأنفال : 13 ] فالتقدير ذلك بأنكم شاققتم الله ورسوله .
وتفريع { فذوقوه } على جملة : { ذلكم } بما قدر فيها تفريع للشّماتة على تحقيق الوعيد ، فصيغة الأمر مستعملة في الشماتة والإهانة ، وموقع { فذوقوه } اعتراض بين الجملة والمعطوف في قوله : { وأن للكافرين } ، والاعتراضُ يكون بالفاء كما في قول النابغة :
ضِبابِ بني الطّوَالة فاعلميه *** ولا يَغْرُرْك نأيي واغترابي
قالوا وفي قوله : { وأن للكافرين عذاب النار } للعطف على المقول فهو من جملة القول ، والتعريفُ في { الكافرين } للاستغراق وهو تذييل .
والمعنى : ذلكم ، أي ضرب الأعناق ، عقاب الدنيا ، وأن لكم عذاب النار في الآخرة مع جميع الكافرين ، والذوق مجاز في الإحساس والعلاقةُ الإطلاق .
وقوله : { وأن للكافرين عذاب النار } عطف على الخبر المحذوف أي ذلكم العذاب وأن عذاب النارِ لجميع الكافرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.