قوله تعالى : { وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً } قال ابن عباس : تضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح ، { مقرنين } مصفدين قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال . وقيل : مقرنين مع الشياطين في السلاسل ، { دعوا هنالك ثبوراً } قال ابن عباس : ويلاً . وقال الضحاك : هلاكاً ، وفي الحديث : إن أول من يكسى حلة من النار إبليس ، فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه ، وذريته من خلفه ، وهو يقول : يا ثبوراه ، وهم ينادون : يا ثبورهم ، حتى يقفوا على النار فينادون : يا ثبوراه ، وينادي : يا ثبورهم .
ثم ها هم أولاء قد وصلوا . فلم يتركوا لهذه الغول طلقاء . يصارعونها فتصرعهم ، ويتحامونها فتغلبهم . بل ألقوا إليها إلقاء . ألقوا مقرنين ، قد قرنت أيديهم إلى أرجلهم في السلاسل . وألقوا في مكان منها ضيق ، يزيدهم كربة وضيقا ، ويعجزهم عن التفلت والتململ . . ثم ها هم أولاء يائسون من الخلاص ، مكروبون في السعير . فراحوا يدعون الهلاك أن ينقذهم من هذا البلاء : ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ) . . فالهلاك اليوم أمنية المتمني ، والمنفذ الوحيد للخلاص من هذا الكرب الذي لا يطاق . .
وقوله : { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا } قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله{[21418]} بن عمرو قال : مثل الزج في الرمح{[21419]} أي : من ضيقه .
وقال عبد الله بن وهب : أخبرني نافع بن يزيد ، عن يحيى بن أبي أسيد - يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن قول الله { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ } قال : " والذي نفسي بيده ، إنهم ليُسْتَكرهون في النار ، كما يستكره الوتد في الحائط " {[21420]} .
وقوله { مُقَرَّنِينَ } قال أبو صالح : يعني مكتفين : { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } أي : بالويل والحسرة والخيبة .
{ وإذا ألقوا منها مكانا } في مكان ومنها بيان تقدم فصار حالا . { ضيقا } لزيادة العذاب فإن الكرب مع الضيق والروح مع السعة ولذلك وصف الله الجنة بأن عرضها كعرض السموات والأرض . { مقرنين } قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل . { دعوا هنالك } في ذلك المكان . { ثبورا } هلاكا أي يتمنون الهلاك وينادونه فيقولون تعال يا ثبوراه فهذا حينك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.