قوله تعالى : { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } ، قيل : أراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل ولا يفرقون بينهما . والأكثرون على أنه أراد به صلة الرحم .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الدرداء فقال - يعني عبد الرحمن- : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " فيما يحكي عن ربه عز وجل : أنا الله ، وأنا الرحمن ، خلقت الرحم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته "
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، حدثني حميد ابن زبجويه ، حدثنا ابن أبي أويس ، قال : حدثني سليمان بن بلال عن معاوية بن أبي مزود ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقوي الرحمن ، فقال : مه ، قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يارب ، قال : فذاك لك " ، ثم قال أبو هريرة : اقرؤا إن شئتم { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } [ محمد-22 ] .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد ابن زنجويه ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا كثير بن عبد الله اليشكري ، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن ابن عوف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة تحت العرش يوم القيامة : القرآن يحاج العباد ، له ظهر وبطن ، والأمانة ، والرحم تنادى ألا من وصلني وصلة الله ومن قطعني قطعه الله " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد ابن زنجويه ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أن عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا شعبة ، عن عيينة بن عبد الرحمن قال : سمعت أبي يحدث عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الزيادي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير ابن مطعم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة قاطع " .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، حدثنا أحمد بن إسحاق الصيدلاني ، أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد بن نصر ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عمرو بن عثمان قال . سمعت موسى بن طلحة يذكر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، " أن أعرابيا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فقال : أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ، قال صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ، لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتى الزكاة ، وتصل الرحم " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد ابن زنجويه حدثنا أبو يعلى وأبو نعيم قالا : حدثنا قطر ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " ، رواه محمد بن إسماعيل عن محمد بن كثير عن سفيان عن قطر وقال : إذا قطعت رحمة وصلها . { ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب }
( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، ويخشون ربهم ، ويخافون سوء الحساب ) . .
هكذا في إجمال . فكل ما أمر الله به أن يوصل يصلونه . أي أنها الطاعة الكاملة والاستقامة الواصلة ، والسير على السنة ووفق الناموس بلا انحراف ولا التواء . لهذا ترك الأمر مجملا ، ولم يفصل مفردات ما أمر الله به أن يوصل ، لأن هذا التفصيل يطول ، وهو غير مقصود ، إنما المقصود هو تصوير الاستقامة المطلقة التي لا تلتوي ، والطاعة المطلقة التي لا تتفلت ، والصلة المطلقة التي لا تنقطع . . ويلمح عجز الآية إلى الشعور المصاحب في نفوسهم لهذه الطاعة الكاملة :
( ويخشون ربهم ، ويخافون سوء الحساب ) . .
فهي خشية الله ومخافة العقاب الذي يسوء قي يوم لقائه الرهيب . وهم أولوا الألباب الذين يتدبرون الحساب قبل يوم الحساب .
{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } من صلة الأرحام ، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج ، وبذل المعروف ، { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } أي : فيما يأتون وما يذرون من الأعمال ، يراقبون الله في ذلك ، ويخافون سوء الحساب في الدار الآخرة . فلهذا أمرهم على السداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع أحوالهم القاصرة والمتعدية .
وقوله : وَالّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ يقول تعالى ذكره : والذين يصلون الرحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها ، ويَخْشَوْنَ رَبّهُمْ يقول : ويخافون الله في قطعها أن يقطعوها ، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمره فيها . وقوله : ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ يقول : ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب ، ثم لا يصفح لهم عن ذنب ، فهم لرهبتهم ذلك جادّون في طاعته محافظون على حدوده . كما :
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، في قوله : الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ قال : المناقشة بالأعمال .
قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد ، عن فرقد ، عن إبراهيم ، قال : سوء الحساب أن يحاسب من لا يغفر له .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ قال : فقال : وما سوء الحساب ؟ قال : الذي لا جواز فيه .
حدثني ابن سنان القزّاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن الحجاج ، عن فرقد ، قال : قال لي إبراهيم : تدري ما سوء الحساب ؟ لا أدري ، قال : يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفر له منه شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.