وما كان للمؤمنين من ذنب عندهم ولا ثأر : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد . الذي له ملك السماوات والأرض . والله على كل شيء شهيد ) . . فهذه جريمتهم أنهم آمنوا بالله ، العزيز : القادر على ما يريد ، الحميد : المستحق للحمد في كل حال ، والمحمود بذاته ولو لم يحمده الجهال ! وهو الحقيق بالإيمان وبالعبودية له .
وقوله : وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إلاّ أنْ يُؤْمِنُوا بالله العَزِيزِ الْحَمِيدِ يقول تعالى ذكره : وما وجد هؤلاء الكفار الذين فتنوا المؤمنين على المؤمنين والمؤمنات بالنار في شيء ، ولا فعلوا بهم ما فعلوا بسبب إلاّ من أجل أنهم آمنوا بالله ، وقال : إلاّ أن يؤمنوا بالله ، لأن المعنى إلاّ إيمانهم بالله ، فلذلك حسن في موضعه يؤمنوا ، إذ كان الإيمان لهم صفة . الْعَزِيزِ يقول : الشديد في انتقامه ممن انتقم منه الْحَمِيدِ يقول : المحمود بإحسانه إلى خلقه .
وجملة { وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا باللَّه } في موضع الحال والواو واو الحال أو عاطفة على الحال التي قبلها .
والمقصود التعجيب من ظلم أهل الأخدود أنهم يأتون بمثل هذه الفظاعة لا لجرم من شأنه أن يُنقَم من فاعله فإن كان الذين خددواً الأخدود يهوداً كما كان غالب أهل اليمن يومئذ فالكلام من تأكيد الشيء بما يشبه ضده أي ما نقموا منهم شيئاً ينقم بل لأنهم آمنوا بالله وحده كما آمن به الذين عذبوهم . ومحل التعجيب أن المَلك ذا نواس وأهل اليمن كانوا متهودين فهم يؤمنون بالله وحده ولا يشركون به فكيف يعذِّبون قوماً آمنوا بالله وحده مثلهم وهذا مثل قوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل } [ المائدة : 59 ] وإن كان الذين خدّدوا الأخدود مشركين ( فإن عرب اليمن بقي فيهم من يعبد الشمس ) فليس الاستثناء من تأكيد الشيء بما يشبه ضده لأنّ شأن تأكيد الشيء بما يشبه ضده أن يكون ما يشبه ضد المقصود هو في الواقع من نوع المقصود فلذلك يؤكد به المقصود وما هنا ليس كذلك لأن الملك وجنده نقموا منهم الإِيمان بالله حقيقة إن كان الملك مشركاً .
وإجراء الصفات الثلاث على اسم الجلالة وهي : { العزيز } ، { الحميد } ، { الذي له ملك السماوات والأرض } لزيادة تقرير أن ما نقموه منهم ليس من شأنه أن ينقم بل هو حقيق بأن يُمدحُوا به لأنهم آمنوا بربّ حقيق بأن يؤمن به لأجل صفاته التي تقتضي عبادته ونبذَ ما عداه لأنه ينصُر مواليه ويثيبهم ولأنه يَمْلِكهم ، وما عداه ضعيف العزة لا يضر ولا ينفع ولا يَملك منهم شيئاً فيقوى التعجيب منهم بهذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.