المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

افتتحت السورة بحرفين من حروف الهجاء ، وأتبع ذلك بذكر القرآن وبيان منزلته عند الله ، ثم أخذت السورة تبين موقف المستهزئين بالرسالات من رسلهم ، وساقت أدلة كثيرة موجبة للإيمان بالله وحده ومع تلك الحجج نسبوا إليه الأنداد ، وجعلوا له البنات ولهم البنين ، وحينما فقدوا الحجة تمسكوا بتقليد آبائهم .

ثم تحدثت عن قصة إبراهيم وأعقبتها باستعظام كفار مكة نزول القرآن على محمد دون عظيم من عظماء القريتين مكة والطائف كأنهم يقسمون فضل الله ، والله قد قسم بينهم معيشتهم في الدنيا لعجزهم عن ذلك . ثم قررت السورة أنه لولا كراهة أن يكفر الناس جميعا لأعطى الكافر كل ما في الدنيا من متاع وزخرف وزين . كما بينت أن من يعرض عن الحق يسلط الله عليه شيطانا يقوده إلى الهلاك .

ثم تعرض السورة قصة موسى وفرعون ، وغرور فرعون بملكه ، وما نزل بفرعون وقومه من انتقام الله ، وأتبعت ذلك بذكر ابن مريم ، وأنع عبد منعم عليه من الله ، دعا إلى الصراط المستقيم . وبعد تخويف من عذاب يوم القيامة للظالمين ، وبشارة للمؤمنين بالجنة التي لهم فيها ما تقر به أعينهم ، وتختم السورة بعموم ملك الله ، وعجز من أشركوهم معه ، فأعرض عنهم يا محمد وقل : سلام ، فسوف يعلمون .

1- حم : افتتحت هذه السورة ببعض الحروف الصوتية على طريقة القرآن الكريم في افتتاح كثير من السور بمثل هذه الحروف .

     
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الزخرف هذه السورة مكية بإجماع من اهل العلم{[1]}

تقدم القول في الحروف في أوائل السور .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سميت في المصاحف العتيقة والحديثة { سورة الزخرف } وكذلك وجدتها في جوء عتيق من مصحف كوفي الخط مما كتب في أواخر القرن الخامس ، وبذلك ترجم لها الترمذي في كتاب التفسير من جامعة ، وسميت كذلك في كتب التفسير .

وسماها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه { سورة حم الزخرف } وإضافة كلمة حم إلى الزخرف على نحو ما بيناه في تسمية سورة { حم المؤمن } روى الطبرسي عن الباقر أنه سماها كذلك .

ووجه التسمية أن كلمة { وزخرفا } وقعت فيها ولم تقع في غيرها من سور القرآن فعرفوها بهذه الكلمة .

وهي مكية : وحكى ابن عطية الاتفاق على أنها مكية ، وأما ما روى عن قتادة وعبد الرحمان بن زيد بن أسلم أن آية { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } نزلت بالمسجد الأقصى فإذا صح لم يكن منافيا لهذا لأن المراد بالمكي ما أنزل قبل الهجرة .

وهي معدودة السور الثانية والستين في ترتيب نزول السور ، نزلت بعد سورة فصلت وقبل سورة الدخان .

وعدت آيها عند العادين من معظم الأمصار تسعا وثمانين ، وعدها أهل الشام ثمانيا وثمانين .

أغراضها

أعظم ما اشتملت عليه هذه السورة من الأغراض : التحدي بإعجاز القرآن لأنه آية صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به والتنويه به عدة مرات وأنه أوحى الله به لتذكيرهم وتكرير تذكيرهم وإن أعرضوا كما أعرض من قبلهم عن رسلهم .

وإذ قد كان باعثهم على الطعن في القرآن تعلقهم بعبادة الأصنام التي نهاهم القرآن عنها كان من أهم أغراض السورة ، التعجيب من حالهم إذ جمعوا بين الاعتراف بأن الله خالقهم والمنعم عليهم وخالق المخلوقات كلها . وبين اتخاذهم آلهة يعبدونها شركاء لله ، حتى إذا انتقض أساس عنادهم اتضح لهم ولغيرهم باطلهم .

وجعلوا بنات لله مع اعتقادهم أن البنات أحط قدرا من الذكور فجمعوا بذلك بين الإشراك والتنقيص .

وإبطال عبادة كل ما دون الله على تفاوت درجات المعبودين في الشرف فإنهم سواء في عدم الإلهية للألوهية ولبنوة الله تعالى .

وعرج على إبطال حججهم ومعاذيرهم ، وسفه تخييلاتهم وترهاتهم .

وذكرهم بأحوال الأمم السابقين مع رسلهم ، وأنذرهم بمثل عواقبهم ، وحذرهم من الاغترار بإمهال الله وخص بالذكر رسالة إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام . وخص إبراهيم بأنه جعل كلمة التوحيد باقية في جمع من عقبه وتوعد المشركين وأنذرهم بعذاب الآخرة بعد البعث الذي كان إنكارهم وقوعه من مغذيات كفرهم وإعراضهم لاعتقادهم أنهم في مأمن بعد الموت .

وقد رتبت هذه الأغراض وتفاريعها على نسخ بديع وأسلوب رائع في التقديم والتأخير والأصالة والاستطراد على حسب دواعي المناسبات التي اقتضتها البلاغة ، وتجديد نشاط السامع لقبول ما يلقى إليه . وتخلل في خلاله من الحجج والأمثال والمثل والقوارع والترغيب والترهيب ، شيء عجيب ، مع دحض شبه المعاندين بأفانين الإقناع بانحطاط ملة كفرهم وعسف معوج سلوكهم .

وأدمج في خلال ذلك ما في دلائل الوحدانية من النعم على الناس والإنذار والتبشير .

وقد جرت آيات هذه السورة على أسلوب نسبة الكلام إلى الله تعالى عدا ما قامت القرينة على الإسناد إلى غيره .

تقدم القول في نظائره ومواقعها قبل ذِكر القرآن وتنزيله .