{ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } أي : ليس لهم إيمان تام ، ولا يقين صادق ، فلذلك قلَّتْ رغبتهم في الخير ، وجبنوا عن القتال ، واحتاجوا أن يستأذنوا في ترك القتال . { فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } أي : لا يزالون في الشك والحيرة .
إنما يستأذن أولئك الذين خلت قلوبهم من اليقين فهم يتلكأون ويتلمسون المعاذير ، لعل عائقاً من العوائق يحول بينهم وبين النهوض بتكاليف العقيدة التي يتظاهرون بها ، وهم يرتابون فيها ويترددون .
إن الطريق إلى اللّه واضحة مستقيمة ، فما يتردد ويتلكأ إلا الذي لا يعرف الطريق ، أو الذي يعرفها ويتنكبها اتقاء لمتاعب الطريق !
{ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ } أي : في القعود ممن لا عذر له { الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أي : لا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة على أعمالهم ، { وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } أي : شكت في صحة ما جئتهم به ، { فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } أي : يتحيرون ، يُقَدِّمُون رجلا ويؤخرون أخرى ، وليست لهم قدم ثابتة في شيء ، فهم قوم حيارى هَلْكى ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا .
هذه الآية تنص على أن المسأذنين إنما هم مخلصون للنفاق ، { وارتابت قلوبهم } معناه شكّت ، والريب نحو الشك ، { يترددون } أي يتحيرون لا يتجه لهم هدى ، ومن هذه الآية نزع أهل الكلام في حد الشك أنه تردد بين أمرين ، والصواب في حده أنه توقف بين أمرين ، والتردد في الآية إنما هو في ريب هؤلاء المنافقين إذ كانوا تخطر لهم صحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً ، وأنه غير صحيح أحياناً ، ولم يكونوا شاكين طالبين للحق لأنه كان يتضح لهم لو طلبوه ، بل كانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كالشاة الحائرة بين الغنمين{[5672]} ، وأيضاً فبين الشك والريب فرق ما ، وحقيقة الريب إنما هو الأمر يستريب به الناظر فيخلط عليه عقيدته فربما أدى إلى شك وحيرة وربما أدى إلى علم ما في النازلة التي هو فيها ، ألا ترى أن قول الهذلي :
كأني أريته بريب{[5673]}
لا يتجه أن يفسر بشك قال الطبري : وكان جماعة من أهل العلم يرون أن هاتين الآيتين منسوختان بالآية التي ذكرنا في سورة النور ، وأسند عن الحسن وعكرمة أنهما قالا في قول { لا يستأذنك الذين يؤمنون } [ التوبة : 44 ] إلى قوله { فهم في ريبهم يترددون } نسختها الآية التي في النور ، { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله } [ الآية : 62 ] إلى { إن الله غفور رحيم } [ النور : 62 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.