السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّمَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ} (45)

{ إنما يستأذنك } يا محمد في التخلف عن الجهاد معك من غير عذر { الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر } وهم المنافقون لأنهم لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً { وارتابت } أي : شكت { قلوبهم } في الدين وإنما أضاف الشك والارتياب إلى القلب لأنه محل المعرفة والإيمان فإذا داخله الشك كان ذلك نفاقاً { فهم } أي : فتسبب عن ذلك أنهم { في ريبهم يتردّدون } أي : المنافقون ويتحيرون لا مع الكفار ولا مع المؤمنين .

تنبيه : اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآيات فقيل إنها منسوخة بالآية التي في سورة النور وهي قوله تعالى : { إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم } ( النور ، 62 ) وقيل : إنها محكمات كلها ووجه الجمع بين هذه الآيات أن المؤمنين كانوا يسارعون إلى طاعة الله تعالى وجهاد عدوهم من غير استئذان فإذا عرض لأحدهم عذر استأذن في التخلف فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخيراً في الإذن لهم بقوله تعالى : { فأذن لمن شئت منهم } وأما المنافقون فكانوا يستأذنون في التخلف من غير عذر فعيرهم الله تعالى بهذا الاستئذان لكونه بغير عذر .