المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

19- إن هذه الآيات الناطقة بالوعد موعظة ، فمَن شاء الانتفاع بها اتخذ إلى ربه سبيلا بالتقوى والخشية .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

{ إن هذه } أي : آيات القرآن { تذكرة } تذكير وموعظة ، { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً } بالإيمان والطاعة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

{ 19 } { إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا }

[ أي : ] إن هذه الموعظة التي نبأ الله بها من أحوال يوم القيامة وأهواله{[1267]} ، تذكرة يتذكر بها المتقون ، وينزجر بها المؤمنون ، { فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } أي : طريقا موصلا إليه ، وذلك باتباع شرعه ، فإنه قد أبانه كل البيان ، وأوضحه غاية الإيضاح ، وفي هذا دليل على أن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم ، ومكنهم منها ، لا كما يقوله الجبرية : إن أفعالهم تقع بغير مشيئتهم ، فإن هذا خلاف النقل والعقل .


[1267]:- في ب: وأهوالها.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ هََذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ سَبِيلاً * إِنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أَنّكَ تَقُومُ أَدْنَىَ مِن ثُلُثَيِ الْلّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مّنَ الّذِينَ مَعَكَ وَاللّهُ يُقَدّرُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ عَلِمَ أَلّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مّرْضَىَ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَأَقْرِضُواُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدّمُواْ لأنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : إن هذه الاَيات التي ذكر فيها أمر القيامة وأهوالها ، وما هو فاعل فيها بأهل الكفر تذكرة يقول : عبرة وعظة لمن اعتبر بها واتعظ فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً يقول : فمن شاء من الخلق اتخذ إلى ربه طريقا بالإيمان به ، والعمل بطاعته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ يعني القرآن فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً بطاعة الله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

الإشارة ب { هذه } يحتمل أن تكون إلى ما ذكر من الأنكال والجحيم والأخذ الوبيل ونحوه . ويحتمل أن تكون إلى السورة بأجمعها ويحتمل أن تكون إلى القرآن ، أي أن هذه الأقوال المنصوصة ، فيه ، { تذكرة } ، والتذكرة مصدر كالذكر . وقوله تعالى : { فمن شاء } الآية ، ليس معناه إباحة الأمر وضده ، بل يتضمن معنى الوعد والوعيد . والسبيل هنا : سبيل الخير والطاعة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا} (19)

تذييل أي تذكرة لمن يتذكر فإن كان من منكري البعث آمن به وإن كان مؤمناً استفاق من بعض الغفلة التي تعرض للمؤمن فاستدرك ما فاته ، وبهذا العموم الشامل لأحوال المتحدث عنهم وأحوال غيرهم كانت الجملة تذييلاً .

والإِشارة ب { هذه } إلى الآيات المتقدمة من قوله : { إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم } [ المزمل : 15 ] .

وتأكيد الكلام بحرف التأكيد لأن المواجَهين به ابتداءً هم منكرون كون القرآن تذكرة وهدًى فإنهم كذبوا بأنه من عند الله ووسموه بالسحر وبالأساطير ، وذلك من أقوالهم التي أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبر عليها قال تعالى : { واصبر على ما يقولون } [ المزمل : 10 ] .

والتذكِرة : اسم لمصدر الذُكر بضم الذال ، الذي هو خطور الشيء في البال ، فالتذكرة : الموعظة لأنه تذكر الغافل عن سوء العواقب ، وهذا تنويه بآيات القرآن وتجديد للتحريض على التدبر فيه والتفكر على طريقة التعريض .

وفرع على هذا التحريض التعريضيَّ تحريضٌ صريح بقوله : { فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً } أي من كان يريد أن يتخذ إلى ربّه سبيلاً فقد تهيأ له اتخاذ السبيل إلى الله بهذه التذكرة فلم تَبق للمتغافل معذرة .

والإِتيان بموصول { من شاء } من قبيل التحريض لأنه يقتضي أن هذا السبيل موصل إلى الخير فلا حائل يحول بين طالب الخير وبين سلوك هذا السبيل إلاّ مشيئته ، لأن قوله : { إن هذه تذكرة } قرينة على ذلك . ومن هذا القبيل قوله تعالى : { وقل الحقُ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [ الكهف : 29 ] . فليس ذلك إباحةً للإِيمان والكفر ولكنه تحريض على الإِيمان ، وما بعده تحذير من الكفر ، أي تبعة التفريط في ذلك على المفرط . ولذلك قال ابن عطية : ليس معناه إباحة الأمر وضده بل يتضمن معنى الوعد والوعيد .

وفي تفسير ابن عرفة الذي كان بعض شيوخنا يحملها على أنه مخير في تعيين السبيل فمتعلق التخيير عنده أن يبين سبيلاً ما من السُبل قال : وهو حسن ، فيبقى ظاهر الآية على حاله من التّخيير اه .

وقد علمت ممّا قرّرناه أنه لا حاجة إليه وأن ليس في الآية شيء بمعنى التخيير . وفي قوله : { إلى ربّه } تمثيل لحال طالب الفوز والهُدى بحال السائر إلى ناصر أو كريم قد أريَ السبيلَ الذي يبلِّغه إلى مقصده فلم يبق له ما يعوقه عن سلوكه .