أى : قل - أيها الرسول الكريم - يا رب إن تطلعنى وترينى العذاب الذى توعدت به هؤلاء المشركين ، فأسألك - يا إلهى - أن لا تجعلنى قريناً لهم فيه ، وأبعدنى عن هؤلاء القوم الظالمين ، حتى لا يصيبنى ما يصيبهم .
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى عصمة من الله - تعالى - من أن يجعله مع القوم الظالمين ، حين ينزل بهم العذاب ، ولكن جاءت الآية بهذا الدعاء والإرشاد ، للزيادة فى التوقى ، ولتعليم المؤمنين أن لا يأمنوا مكر الله ، وأن يلوذوا دائماً بحماه .
يقول تعالى آمرًا [ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم ]{[20653]} أن يدعو هذا الدعاء عند حلول النقم : { رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } أي : إن عاقبتهم - وإني شاهدُ ذلك - فلا تجعلني فيهم ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي - وصححه - : " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " {[20654]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { قُل رّبّ إِمّا تُرِيَنّي مَا يُوعَدُونَ * رَبّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظّالِمِينَ * وَإِنّا عَلَىَ أَن نّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : ربّ إنْ تُرِيَنّى في هؤلاء المشركين ما تعدهم من عذابك فلا تهلكني بما تهلكهم به . ونجني من عذابك وسخطك فلا تجعلني في القوم المشركين ولكن اجعلني ممن رضيت عنه من أوليائك . وقوله : فَلا تَجْعَلْني جواب لقوله : إما تُرِيَنّى اعترض بينهما بالنداء ، ولو لم يكن قبله جزاء لم يجز ذلك في الكلام ، لا يقال : يا زيد فقم ، ولا يا ربّ فاغفر ، لأن النداء مستأنف ، وكذلك الأمر بعده مستأنف ، لا تدخله الفاء والواو ، إلاّ أن يكون جوابا لكلام قبله .
{ رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } قرينا لهم في العذاب ، وهو إما لهضم النفس أو لأن شؤم الظلمة قد يحيق بم وراءهم كقوله تعالى : { واتقوا فتنة لا تصبين الذين ظلموا منكم خاصة } عن الحسن أنه تعالى أخبر نبيه عليه السلام أنهله في أمته نقمة ولم يطلعه على وقتها فأمره بهذا الدعاء وتكرير النداء ، وتصدير كل واحد من الشرط والجزاء به فضل تضرع وجؤار .
وهذا الدعاء فيه استصحاب الخشية والتحذير من الأمر المعذب من أجله{[8538]} ثم نظيره لسائر الأمة دعاء في جودة الخاتمة ، وفي هذه الآية بجملتها إعلام بقرب العذاب منهم كما كان في يوم بدر ، وقوله ثانياً اعتراض بين الشرط وجوابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.