تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

الآيتان 93 و 94 : وقوله{[13533]} : { رب إما تريني ما يوعدون } { رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } ( يحتمل وجهين :

أحدهما ){[13534]} : { رب إما تريني ما توعدون }{ رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } لأنه كان وعد له أن يريه بعض ما وعد لهم بقوله : { وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك }( يونس : 46 والرعد 40 ) فلا نريك شيئا ، فقال : رب إن أريتني ما يوعدون ، أو لا ترني{ فلا تجعلني في القوم الظالمين } .

والثاني : إنك وإن أريتني ما تقدم على التحقيق{ فلا تجعلني في القوم الظالمين } ثم{[13535]} يحتمل قوله : { فلا تجعلني في القوم الظالمين }وجهين : أحدهما : { فلا تجعلني في القوم الظالمين }في العذاب الذي وعدت لهم أن ( تنزله عليهم ){[13536]} لأنه من العدل أن يعذبه ويعامله معاملة أهل العدل . كأنه يقول : رب لا تعاملني معاملة إياهم ، وإن كان ذلك من العدل أن تعاملني مثل ما تعامل أولئك ، لأن رسول الله ، وإن لم يكن له{[13537]} زلات ظاهرة فلقد كان من الله إليه من النعم والإحسان ما لو أخذ بشكر ذلك لم يقدر على أداء شكر واحدة منها فضلا عن أن تؤدي شكر الكل .

ألا ترى أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله ، فقيل : ولا أنت يا رسول الله ، فقال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته " ( مسلم /2816/71 و . . . و 2818/78 ) .

( والثاني ) {[13538]} : { فلا تجعلني في القوم الظالمين }في الزيغ والغواية ، يسأل ربه أن يَعصِمَهُ عن الزيغ في الضلال{[13539]} والغواية التي عليه القوم الظالمون{[13540]} وهو كدعاء إبراهيم ربه وسؤاله{[13541]} العصمة عن الزيغ بقوله : { رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام }( إبراهيم : 35 ) وإن كان وعد لهم العصمة عن ذلك ، والله أعلم .


[13533]:في الأصل وم وقوله.
[13534]:من م، ساقطة من الأصل.
[13535]:في الأصل وم: لم.
[13536]:في الأصل وم: تنزل.
[13537]:ساقطة من الأصل وم.
[13538]:في الأصل وم: و.
[13539]:في م: بالضلال.
[13540]:في الأصل وم :الظالمين.
[13541]:في الأصل وم: وسؤال.