الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

{ فَلاَ تَجْعَلْنِى } قريناً لهم ولا تعذبني بعذابهم . عن الحسن : أخبره الله أن له في أمته نقمة ولم يخبره أفي حياته أم بعد موته ، فأمره أن يدعو بهذا الدعاء .

فإن قلت : كيف يجوز أن يجعل الله نبيه المعصوم مع الظالمين ، حتى يطلب أن لا يجعله معهم ؟ قلت : يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله ، وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله ، إظهاراً للعبودية وتواضعاً لربه ، وإخباتاً له . واستغفاره صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه سبعين مرة أو مائة مرة لذلك ، وما أحسن قول الحسن في قول أبي بكر الصديق رضي الله عنهما : «وليتكم ولست بخيركم » : كان يعلم أنه خيرهم ، ولكن المؤمن يهضم نفسه . وقرىء : «إما ترئنهم » بالهمز مكان تريني ؛ كما قرىء : «فإما ترئن » ، و «لترؤن الجحيم » وهي ضعيفة . وقوله : { رَّبِّ } مرتين قبل الشرط وقبل الجزاء حثّ على فضل تضرع وجؤار .