تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

إرشادات إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم

{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ( 93 ) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 94 ) وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ( 95 ) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ( 96 ) وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ( 97 ) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ( 98 ) حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ( 99 ) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( 100 ) } .

93

التفسير :

93 ، 94 - قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

إما تريني ما يوعدون : إن كان ولا بد من أن تريني ما يوعدون من العذاب في الدنيا والآخرة .

فلا تجعلني في القوم الظالمين : أي : قرينا لهم فأهلك بهلاكهم ، لأن شؤم الظلمة قد يحيق بما وراءهم ، كقوله تعالى : وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً . . . ( الأنفال : 25 ) .

عند الشدائد والمحن يلجأ المؤمن إلى ربه ، طالبا النجاة ، وهنا يوجه الله الرسول الأمين بأن يدعو الله قائلا : إن كان ولا بد من مشاهدتي عذاب الكافرين ، في الدنيا أو في الآخرة ، فلا تجعلني فيهم ، ونجني منهم ولا تعذبني بعذابهم ، ونجني من عذابك للظالمين ، واجعلني مع من رضيت عنهم ، من أوليائك المؤمنين .

فإن العذاب قد يصيب غير أهله ، كما قال تعالى : وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً . . . ( الأنفال : 25 ) .

وروى الإمام أحمد ، والترمذي وصححه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : ( وإذا أردت بقوم فتنة ، فتوفني إليك غير مفتون )xxvi .

وعن الحسن ، أنه تعالى أخبر نبيه أن له في أمته نقمة ، ولم يطلعه على وقتها ، فأمره بهذا الدعاء ، والإرشاد إلى هذا الدعاء ليعظم أجره ، وليكون دائما ذاكرا ربه ، ولتعليمنا ذلك .