إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَبِّ فَلَا تَجۡعَلۡنِي فِي ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (94)

{ رَبّ فَلاَ تجعلني في القوم الظالمين } أي قَريناً لهم فيما هُم فيه من العذابِ . وفيه إيذانٌ بكمالِ فظاعةِ ما وُعدوه من العذابِ وكونِه بحيثُ يجبُ أنْ يستعيذَ منه مَن لا يكادُ يمكنُ أنْ يحيقَ به ، ورُدَّ لإنكارِهم إيَّاهُ واستعجالِهم به على طريقة الاستهزاءِ به . وقيل : أُمر به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هضماً لنفسِه . وقيل : لأنَّ شُؤمَ الكَفَرةِ قد يحيقُ بمن وَرَاءهُم كقولِه تعالى : { واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } ورُوي أنَّه تعالى أخبرَ نبيِّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنَّ له في أمَّتِه نقمةً ولم يُطلعه على وقتِها فأمرَه بهذا الدُّعاءِ وتكريرِ النِّداءِ . وتصديرُ كلَ من الشَّرطِ والجزاءِ به لإبرازِ كمالِ الضَّراعةِ والابتهالِ .