ثم بين - سبحانه - أنهم قوم لا تتأثر قلوبهم بالمواعظ والنذر ، فقال : { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأنبآء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النذر } .
والأنباء : جمع نبأ وهو الخبر المشتمل على أمور هامة ، من شأنها أن يتأثر بها السامع .
ومزدجر : مصدر ميمى ، وأصله مُزْتَجر . فأبدلت تاء الافتعال دالا ، وأصله من الزجر . بمعنى المنع والانتهار . أى : ولقد جاء لهؤلاء المشركين فى لقرآن الكريم ، من الأنباء الهامة ، ومن أخبار الأمم البائدة ، ما فيه ازدجار وانتهار لهم عن الارتكاس فى القبائح وعن الإصرار على الفسوق والكفر والعصيان .
و " ما " فى قوله - سبحانه - : { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } موصولة ، وهى فاعل قوله { جَآءَهُم } ، وقوله { مِّنَ الأنبآء } فى موضع الحال منها . . .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ولقد جاءهم من الأنباء} يعني جاء أهل مكة من حديث القرآن {ما فيه مزدجر} يعني موعظة لهم، وهو النهي عن المعاصي جاءهم...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ "يقول تعالى ذكره: ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا بآيات الله، واتبعوا أهواءهم من الأخبار عن الأمم السالفة، الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه، وأحلّ الله بهم من عقوباته ما قصّ في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر، يعني: ما يردعهم، ويزجرهم عما هم عليه مقيمون، من التكذيب بآيات الله، وهو مُفْتَعَلٌ من الزّجْر... عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: مُزْدَجَرٌ قال: مُنْتَهى.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{مّنَ الأنباء} من القرآن المودع أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة، وما وصف من عذاب الكفار {مُزْدَجَرٌ} ازدجار أو موضع ازدجار. والمعنى: هو في نفسه موضع الازدجار ومظنة له...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و {الأنباء} جمع نبأ، ويدخل في هذا جميع ما جاء به القرآن من المواعظ والقصص ومثلات الأمم الكافرة، و: {مزدجر} معناه: موضع زجر وانتهاء.
{ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر} إشارة إلى أن كل ما هو لطف بالعباد قد وجد، فأخبرهم الرسول باقتراب الساعة، وأقام الدليل على صدقه، وإمكان قيام الساعة عقيب دعواه بانشقاق القمر الذي هو آية لأن من يكذب بها لا يصدق بشيء من الآيات فكذبوا بها واتبعوا الأباطيل الذاهبة، وذكروا الأقاويل الكاذبة فذكر لهم أنباء المهلكين بالآيتين تخويفا لهم، وهذا هو الترتيب الحكمي، ولهذا قال بعد الآيات: {حكمة بالغة} أي هذه حكمة بالغة... بالغة} أي هذه حكمة بالغة، والأنباء هي الأخبار العظام، ويدلك على صدقه أن في القرآن لم يرد النبأ والأنباء إلا لما له وقع...
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
أي من بعض الأنباء، فذكر سبحانه من ذلك ما علم أنهم يحتاجون إليه، وأن لهم فيه شفاء. وقد كان هناك أمور أكثر من ذلك، وإنما اقتص علينا ما علم أن بنا إليه حاجة وسكت عما سوى ذلك.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.