{ إذ انبعث أشقاها } أي : قام والانبعاث : هو الإسراع في الطاعة للباعث ، أي : كذبوا بالعذاب ، وكذبوا صالحاً لما انبعث أشقاها وهو : قدار بن سالف ، وكان أشقر أزرق العينين قصيراً قام لعقر الناقة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهب ، حدثنا هشام عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن زمعة " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذ انبعث أشقاها } انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في أهله مثل أبي زمعة " .
والظرف فى قوله - سبحانه - : { إِذِ انبعث أَشْقَاهَا } متعلق بقوله { طغواها } ، لأن وقت انبعاث أشقاهم لقتل الناقة . هو أشد أوقات طغيانهم وفجورهم .
وفعل " انبعث " مطاوع بعث ، تقول : بعثته فانبعث ، كما تقول : كسرته فانكسر . ويصح أن يكون متعلقا بقوله : { كذبت } .
وقوله { أَشْقَاهَا } أى : أشقى تلك القبيلة ، وهو قُدَار - بزنة غراب - بن سالف ، الذى يضرب به المثل فى الشؤم ، فيقال : فلان أشأم من قدار .
أى : كذبت ثمود نبيها ، بسبب طغيانها ، وقت أن أسرع أشقى تلك القبيلة ، وهو قدار بن سالف ، لعقر الناقة التى نهاهم نبيهم عن مسها بسوء .
وعبر - سبحانه - بقوله : { انبعث } للإِشعار بأنه قام مسرعا عندما أرسله قومه لقتل الناقة ، ولم يتردد فى ذلك لشدة كفره وجحوده .
{ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } أي : أشقى القبيلة ، هو قُدَار بن سالف عاقرُ الناقة ، وهو أحيمر ثمود ، وهو الذي قال تعالى : { فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } [ القمر : 29 ] . وكان هذا الرجل عزيزًا فيهم ، شريفًا في قومه ، نسيبًا رئيسًا مطاعًا ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا ابن نمير ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زَمْعَةَ قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الناقة ، وذكر الذي عقرها ، فقال : " { إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه ، مثل أبي زمعة " .
ورواه البخاري في التفسير ، ومسلم في صفة النار ، والترمذي والنسائي في التفسير من سننهما{[30144]} وكذا ابن جرير وابن أبي حاتم [ من طرق ]{[30145]} عن هشام بن عروة ، به{[30146]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن محمد بن خُثَيم{[30147]} عن محمد بن كعب القرظي ، عن محمد بن خُثَيم{[30148]} أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " ألا أحدثك بأشقى الناس ؟ " . قال : بلى : قال : " رجلان ؛ أحيمر ثمود الذي عَقَر الناقة ، والذي يضربك يا عليّ عَلَى هذا - يعني قَرنه - حتى تبتل منه هذه " يعني : لحيته{[30149]} .
وقوله : إذِ انْبَعَثَ أشْقاها يقول : إذ ثار أشقى ثمود ، وهو قُدَار بن سالف ، كما :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الطّفاويّ ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زَمَعة ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر في خطبته الناقة ، والذي عَقَرها ، فقال : «إذِ انْبَعَثَ أشْقاها : انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عارِمٌ ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ ، مِثْلُ أبي زَمَعَة » .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : إذِ انْبَعَثَ أشْقاها يعني أُحَيْمِرَ ثَمود .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إذ ثار أشقى ثمود ، وهو قُدَار بن سالف ، حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الطّفاويّ ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زَمَعة ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر في خطبته الناقة ، والذي عَقَرها ، فقال : «إذِ انْبَعَثَ أشْقاها : انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عارِمٌ ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ ، مِثْلُ أبي زَمَعَة » ....
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي قام أشقاها ، وصار أشقاها بما أحدث من الكفر بعقر الناقة ...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ إذ } أي تحقق تكذيبهم أو طغيانهم بالفعل حين { انبعث أشقاها } أي أشد ثمود شقاء وهو عاقر الناقة للمشاركة في الكفر والزيادة بمباشرة العقر ،...