اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِذِ ٱنۢبَعَثَ أَشۡقَىٰهَا} (12)

قوله : { إِذِ انبعث أَشْقَاهَا } . يجوز في «إذ » وجهان :

أحدهما : أن تكون ظرفاً ل «كذبت » .

والثاني : أن تكون ظرفاً للطغوى .

و«انبعثت » مطاوع بعثت فلاناً على الأمر فانبعث له ، و«أشْقَاهَا » فاعل «انبعَثَ » أي : نهض ، والانبعاث : الإسراع ، وفيه وجهان :

أحدهما : أن يراد به شخص معين ، روي أن اسمه : قدار بن سالف .

والثاني : أن يراد به جماعة قال الزمخشري{[60309]} : ويجوز أن يكونوا جماعة للتسوية في «أفعل » التفضيل ، إذا أضيف بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وكان يجوز أن يقول : «أشْقَوها » . وكان ينبغي أن يقيد ، فيقول : إذا أضيف إلى معرفة ، لأن المضاف إلى النكرة حكمه الإفراد والتذكير مطلقاً كالمقترن ب «من » .

فصل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذ انبَعَثَ أشْقَاهَا : انبعث لهَا رجلٌ عزيزٌ عارمٌ ، منيعٌ في أهلِه ، مثلُ أبي زمعة » الحديث{[60310]} .

وروي عن علي - رضي الله عنه - : أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال له : «أتَدْرِي من أشْقَى الأوَّلين »َ ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال عليه الصلاة والسلام : عَاقرُ النَّاقَةِ ، ثم قال : «أتَدْرِي من أشْقَى الآخرينَ » « ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : «قَاتِلُكَ »{[60311]} .


[60309]:الكشاف 4/760.
[60310]:أخرجه البخاري (8/575) كتاب التفسير: باب سورة الشمس رقم (4942) ومسلم (4/2191) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب النار يدخلها الجبارون حديث (49/2855) وأحمد (4/17) والترمذي (5/410) رقم (3343) والنسائي في "الكبرى" (6/515) والطبري في "تفسيره" (12/605) من حديث عبد الله بن زمعة وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/702) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
[60311]:له شاهد من حديث عمار بن ياسر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/602) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والبغوي وأبي نعيم في "الدلائل".