ثم أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخبر الناس بأن رسالته لحمتها وسداها الدعوة إلى عبادة الله - تعالى - وحده فقال : { قُلْ إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ . . . } .
أى : قل - يا محمد - للناس : إن الذى أوحاه الله - تعالى - إلىّ من تكاليف وهدايات وعبادات وتشريعات . . . تدور كلها حول إثبات وحدانيته - سبحانه - ووجوب إخلاص العبادة له وحده .
قال الآلوسى - رحمه الله - : " ذهب جماعة إلى أن فى الآية حصرين : الأولى : لقصر الصفة على الموصوف . والثانى : لقصر الموصوف على الصفة .
فالأول : قصر فيه الوحى على الوحدانية . والثانى : قصر فيه الله - تالى - على الوحدانية ، والمعنى : ما يوحى إلىّ إلا اختصاص الله بالوحدانية ، ومعنى هذا القصر أنه الأصل الأصيل وما عداه راجع إليه ، أو غير منظور إليه فى جانبه . . . " .
والاستفهام فى قوله - سبحانه - : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } للتحضيض أى : ما دام الأمر كما ذكر لكم فأسلموا لتسلموا .
وبعد إبراز معنى الرحمة وتقريره يؤمر الرسول [ ص ] بأن يواجه المكذبين المستهزئين ، بخلاصة رسالته التي تنبع منها الرحمة للعالمين :
( قل : إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد . فهل أنتم مسلمون ? ) .
فهذا هو عنصر الرحمة الأصيل في تلك الرسالة . عنصر التوحيد المطلق الذي ينقذ البشرية من أوهام الجاهلية ، ومن أثقال الوثنية ، ومن ضغط الوهم والخرافة . والذي يقيم الحياة على قاعدتها الركينة ، فيربطها بالوجود كله ، وفق نواميس واضحة وسنن ثابتة ، لا وفق أهواء ونزوات وشهوات . والذي يكفل لكل إنسان أن يقف مرفوع الرأس فلا تنحني الرؤوس إلا لله الواحد القهار .
هذا هو طريق الرحمة . . ( فهل أنتم مسلمون ? ) .
وهذا هو السؤال الواحد الذي يكلف رسول الله [ ص ] أن يلقيه على المكذبين المستهزئين .
يقول تعالى آمرًا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن يقول للمشركين : { إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي : متبعون على ذلك ، مستسلمون منقادون{[19952]} له .
القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنّمَآ يُوحَىَ إِلَيّ أَنّمَآ إِلََهُكُمْ إِلََهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مّسْلِمُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : ما يوحي إليّ ربي إلا أنّه لا إله لكم يجوز أن يُعبد إلا إله واحد لا تصلح العبادة إلا له ولا ينبغي ذلك لغيره . فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ يقول : فهل أنتم مذعنون له أيها المشركون العابدون الأوثان والأصنام بالخضوع لذلك ، ومتبرّئون من عبادة ما دونه من آلهتكم ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.