تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

الآية 108 : وقوله تعالى : { قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } كأنه على الدعاء خرج الأمر ، كأنه قال : أمرني ربي أن أخبركم أن إلهكم إله واحد ، فاصرفوا العبادة إليه ، ولا تشركوا فيها غيره . أو يقول : أوحي إلي أن أدعوكم إلى إلهكم الذي هو إله واحد . وإلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنه إله واحد ، لكنه خرج على الدعاء والإخبار ، وإنه إله واحد ، أو يخبرهم أني إلى ما أدعوكم إليه ، وآمركم به ، إنما أدعوكم ، وآمركم بالوحي بما أوحي إلي لا من تلقاء نفسي [ لقوله تعالى : ]{[12858]} { قل إنما أنذركم بالوحي } [ الأنبياء : 45 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { فهل أنتم مسلمون } ظاهره ، وإن كان استفهاما ، فهو على الأمر والإيجاب ؛ كأنه قال : قد أوحي إلي أن إلهكم إله واحد ، فأسلموا ، وأخلصوا ، العبادة له ، لا تشركوا فيها غيره . والإسلام هو أن تجعل كلية الأشياء ، والأعمال كلها لله عز وجل ثم هو يكون على وجهين :

أحدهما : على الاعتقاد أن تعتقد كلية الأشياء لله لا على تحقيق ذلك الفعل .

والثاني : على تحقيق جعل الأشياء كلها لله اعتقادا وفعلا وقولا ؛ منه يخاف ، ومنه يرجو ، لا يخاف غيره ، ولا يرجو من دونه . فهذا{[12859]} حقيقة الإسلام .


[12858]:ساقطة من الأصل و م.
[12859]:في الأصل و م: فهو.