مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

قوله تعالى :{ قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ، فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ، إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون }

اعلم أنه تعالى لما أورد على الكفار الحجج في أن لا إله سواه من الوجوه التي تقدم ذكرها ، وبين أنه أرسل رسوله رحمة للعالمين ، أتبع ذلك بما يكون إعذارا وإنذارا في مجاهدتهم والإقدام عليهم ، فقال : { قل إنما يوحى إلي } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قال صاحب «الكشاف » : إنما يقصر الحكم على شيء أو يقصر الشيء على حكم ، كقولك إنما زيد قائم أو إنما يقوم زيد ، وقد اجتمع المثالان في هذه الآية . لأن : { إنما يوحى إلي } مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد : { أنما إلهكم إله واحد } بمنزلة إنما زيد قائم ، وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصور على إثبات وحدانية الله تعالى وفي قوله ؛ { فهل أنتم مسلمون } أن الوحي الوارد على هذا السنن يوجب أن تخلصوا التوحيد له وأن تتخلصوا من نسبة الأنداد ، وفيه أنه يجوز إثبات التوحيد بالسمع . فإن قيل : لو دلت إنما على الحصر لزم أن يقال : إنه لم يوح إلى الرسول شيء إلا التوحيد ومعلوم أن ذلك فاسد ، قلنا : المقصود منه المبالغة ،