قوله : { قُلْ إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ } الآية .
لما أورد على الكافر الحجج في أن لا إله إلا سواه ، وبين أنه أرسل رسوله رحمة للعالمين أتبع ذلك بما يكون إنذاراً{[29939]} في مجاهدتهم والإقدام عليهم فقال : { إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ }{[29940]} قوله : { أَنَّمَآ إلهكم } ( أنَّ ) وما في حيزها في محل رفع لقيامه مقام الفاعل إذ التقدير : إنما يوحي إليّ وحدانية إلهكم{[29941]} . وقال الزمخشري : «إنّما » لقصر الحكم على شيء ، أو لقصر الشيء على حكم كقولك : إنَّما زيد قائم ، وإِنَّما يقوم زيد ، وقد اجتمع المثلان في هذه الآية ، لأن { أنما يوحى إليّ } مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد ، { أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ } بمنزلة إنَّما زيد قائم ، وفائدة اجتماعهما الدلالة على أنَّ الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقصور على استئثار الله بالوحدانية{[29942]} .
قال أبو حيَّان : أما ما ذكره في «إنَّما » أنها لقصر ما ذكر فهو مبني على أن «إنّما » للحصر ، وقد قررنا{[29943]} أنها لا تكون للحصر ، وأنّ «مَا » مع «إنَّ » كهي مع «كأن » ومع «لَعَلّ » فكما أنها لا تفيد الحصر في التشبيه ، ولا الحصر في الترجي ، فكذلك{[29944]} لا تفيده مع «إنَّ » ، وأما جعله «أنَّما » المفتوحة الهمزة مثل المكسورتها يدل على القصر فلا نعلم الخلاف إلا في «إنَّما » بالكسر ، وأما «أنَّما » بالفتح فحرف مصدري ينسبك منه مع ما بعده مصدر ، فالجملة بعدها ليست جملة مستقلة ، ولو كانت «أنَّمَا » دالة على الحصر لزم أن يقال : أنه لم يوح إليَّ شيء إلا التوحيد ، وذلك لا يصح الحصر فيه ، إذ قد أوحي إليه أشياء غير التوحيد{[29945]} . قال شهاب الدين : الحصر بحسب كل مقام على ما يناسبه ، فقد يكون هذا المقام يقتضي الحصر في إيحاء الوحدانية لشيء جرى من إنكار الكفار وحدانيته تعالى ، وأنَّ الله لم يوح إليه شيئاً ، وهذا كما أجاب الناس عن هذا الإشكال الذي ذكره الشيخ في قوله : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ }{[29946]} { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ }{[29947]} { أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ }{[29948]} إلى غير ذلك{[29949]} ، و «مَا » من قوله : { إِنَّمَآ يوحى } يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أنْ تكون كافة . وقد تقدم .
والثاني : أنْ تكون موصولة{[29950]} كهي في قوله : { إِنَّمَا صَنَعُواْ }{[29951]} ، ويكون الخبر هو الجملة من قوله { أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ } تقديره : أنّ الذي يوحى إليّ هو هذا الحكم . قوله : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } استفهام معناه الأمر بمعنى : أسلموا ، كقوله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ }{[29952]} أي : انتهوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.