المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

19- إن المهتدين والضالين لا يستوون ، فهل يكون الذي يعلم أن ما نزل عليك من الله الذي ربَّاك وكوَّنك واصطفاك لأداء رسالته ، هو الحق الذي لا شك فيه . . هل يكون كمن ضل عن الحق ، حتى صار كالأعمى الذي لا يبصر ؟ إنه لا يدرك الحق وما يتذكر عظمة الله إلا أصحاب العقول التي تفكر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

قوله تعالى : { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق } ، فيؤمن به ويعمل بما فيه ، { كمن هو أعمى } ، عنه لا يعلمه ولا يعمل به . قيل : نزلت في حمزة وأبي جهل . وقيل : في عمار وأبي جهل . فالأول حمزة أو عمار والثاني أبو جهل ، وهو الأعمى . أي : لا يستوي من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه { إنما يتذكر } يتعظ ، { أولو الألباب } ، ذوو العقول .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أنه لا يستوى الأعمى والبصير ، ومدح أولى الألباب بما هم أهله من مدح ، وذم أضدادهم بما يستحقون من ذم ، فقال - تعالى - :

{ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ . . . } .

قال الإمام الرازى : " قوله - تعالى - { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هُوَ أعمى . . . } إشارة إلى المثل المتقدم ذكره - في قوله - تعالى - { أَنْزَلَ مِنَ السماء مَآءً } وهو أن العالم بالشئ كالبصير ، والجاهل به كالأعمى ، وليس أحدهما كالآخر ، لأن الأعمى إذا أخذ يمشى من غير قائد ، فربما يقع في المهالك . . أما البصير فإنه يكون آمنا من الهلاك والإِهلاك .

والمراد بالأعمى هنا : الكافر الذي انطمست بصيرته ، فأصبح لا يفرق بين الحق والباطل .

والاستفهام للانكار والاستبعاد .

المعنى : أفمن يعلم أن ما أنزل إليك - أيها الرسول الكريم - من وحى هو الحق الذي يهدى للتى هي أقوم ، كمن هو أعمى القلب : مطموس البصيرة ؟ ؟

فالآية الكريمة تنفى بأبلغ أسلوب ، مساواة الذين علموا الحق فاتبعوه ، بمن جهلوه وأعرضوا عنه ، وصموا آذانهم عن سماعه .

وقوله { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب } مدح لأصحاب العقول السليمة ، الذين ذكروا بالحق فتذكروه ، وآمنوا به ، وتعليل لإِعراض الكافرين عنه ، ببيان أن سبب إعراضهم ، أنهم ليسوا أهلا للتذكر ، لأن التذكر إنما هو من شأن أولى الألباب .

والألباب : جمع لب وهو الخالص من كل شئ .

أى : إنما يتذكر وينتفع بالتذكير ، أصحاب العقول السليمة وهم المؤمنون الصادقون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

وقوله : { أفمن يعلم } استفهام بمعنى التقرير ، والمعنى : أسواء من هداه الله فعلم صدق نبوتك وآمن بك ، ومن لم يهتد ولا رزق بصيرة فبقي على كفره ، فمثل عز وجل ذلك بالعمى .

وروي أن هذه الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب وأبي جهل بن هشام ، وقيل : في عمار بن ياسر وأبي جهل بن هشام ، وهي بعد هذا مثال في جميع العالم .

و { إنما } في هذه الآية حاصرة ، أي { إنما يتذكر } فيؤمن ويراقب الله من له لب وتحصيل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

تفريع على جملة { للذين استجابوا لربهم الحسنى } الآية [ سورة الرعد : 13 ] . فالكلام لنفي استواء المؤمن والكافر في صورة الاستفهام تنبيهاً على غفلة الضالّين عن عدم الاستواء ، كقوله : { أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون } [ سورة السجدة : 18 ] .

واستعير لمن لا يعلم أنّ القرآن حق اسمُ الأعمى لأنه انتفى علمه بشيء ظاهر بيّن فأشبه الأعمى ، فالكاف للتشابه مستعمل في التماثل . والاستواء المراد به التماثل في الفضل بقرينة ذكر العَمَى . ولهذه الجملة في المعنى اتصال بقوله في أول السورة { والذي أنزل إليك من ربك الحق إلى يؤمنون } [ سورة الرعد : 1 ] .

وجملة { إنما يتذكر أولوا الألباب } تعليل للإنكار الذي هو بمعنى الانتفاء بأن سبب عدم علمهم بالحق أنهم ليسوا أهلاً للتذكر لأن التذكر من شعار أولي الألباب ، أي العقول .

والقصر ب { إنما } إضافي ، أي لا غيرُ أولي الألباب ، فهو تعريض بالمشركين بأنهم لا عقول لهم إذ انتفت عنهم فائدة عقولهم .

والألباب : العقول . وتقدم في آخر سورة آل عمران .