ولما افترق حال من أجاب ومن أعرض في الجزاء ، وكان ما مضى مستوفياً طرق البيان بإيضاح الأمر بالجزيئات والأمثلة مع الترغيب والترهيب . فكان جديراً بترتيب الأثر عليه ، تسبب عنه الإنكار على من سوى بين العالم العامل وغيره التفاتاً إلى قوله { هل يستوي الأعمى والبصير } وسوى بين الحق والباطل التفاتاً إلى قوله { كذلك يضرب الله{[44057]} الحق والباطل } فحسن قوله : { أفمن } بفاء السبب { يعلم } علماً نافعاً هو عامل به { إنما } أي الذي { أنزل } أي وجد إنزاله وفرغ منه { إليك من ربك } أي المحسن إليك بأحسن التدبير { الحق } أي الكامل في الحقية ، فهو نير العين للبصر والقلب للاستبصار والاعتبار ، يهتدي{[44058]} بما يعلم إلى طريق الرشد فيسلكها ، وإلى طريق الغي فيتركها ، ويفهم الأشارات ، وينتفع بالأمثال السائرات ، كما يبصر بالبصر طريق النجاة من طريق الهلاك { كمن هو أعمى } لا بصر له{[44059]} ولا بصيرة ، لأنه لا يعمل{[44060]} وإن كان عالماً ، فهو لا ينتفع بالأمثال ، فكأنه قيل : لا يستويان مثلاً أصلاً ، ثم علل هذا الإنكار بقوله : { إنما } أي لأنه إنما يعلم ذلك بالتذكر ، وإنما { يتذكر{[44061]} } أي يطلب الذكر طلباً عظيماً فيعمل{[44062]} { أولوا } أي أصحاب { الألباب * } أي العقول الصافية الخالصة القابلة للتذكر بالتفكر في أن ما أنزل{[44063]} من عند الله ثابت الأركان راسي القواعد ، لا قدرة لأحد على إزالة معنى من معانيه ولا هدم شيء من مبانيه{[44064]} وأن{[44065]} ما عداه{[44066]} هلهل النسج{[44067]} رث القوى ، مخلخل الأركان ، دارس الرسم ، منطمس الأعلام ، مجهول المسالك ، مظلم الأرجاء ، جم المهالك ، وأما القلب الذي لا يرجع عن غيه لمثل هذا البيان فكأنه غير قابل للذكرى ، فاستحق أن يعد عدماً ، وأن يخص التذكر{[44068]} بالقلب ، ومن المعلوم أنه لا يستوي من له لب ومن لا لب له{[44069]} ؛ واللب والقلب : أجل ما في الشيء وأخلصه وأجوده{[44070]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.