تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (19)

{ * أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب19 } .

التفسير :

تأتي هذه الآية في أعقاب مثل ضربه للحق والباطل ؛ فالحق يشبه الماء والمعادن النفيسة الخالصة من الشوائب ، والباطل يشبه الزبد والرغوة التي تعلو فوق ماء السيل ، أو خبث المعادن الذي يرتفع فوقها عند صهرها .

وهنا يبين القرآن : أن المستفيد بضرب الأمثال ، هم أصحاب العقول المستنيرة ، والقلوب النظيفة الذين يؤمنون بالله ويستجيبون لداعي الهدى ، ولا يستوي أبدا البصير صاحب البصيرة ، والأعمى الذي انطمس بصره وبصيرته .

19 { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى . . . } .

أي : أيستوي في الجزاء مؤمن وكافر ؟ ! .

فالمؤمن استجاب للحق وآمن به وأشرق قلبه بالهدى ؛ { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } . ( الزمر : 22 ) .

والكافر ضل عن الحق ، وانطمست بصيرته ، فلم يستفد بأنوار الهداية ، ولم يسترشد بنور الرسالة المحمدية .

قال قتادة :

هؤلاء قوم انتفعوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووعوه ، وهؤلاء كمن هو أعمى عن الحق ، فلا يبصره ولا يعقله .

{ إنما يتذكر أولوا الألباب } . أي : إنما يعتبر بهذه الأمثال ويتعظ بها ، ويصل إلى لبها وسرها ؛ أصحاب العقول السليمة ، والقلوب المشرقة بنور الإيمان .