وقوله - تعالى - : { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال . . } بيان لمظهر من مظاهر رحمة الله - تعالى - : حيث إنه - سبحانه - لا يهلك الأمم إلا بعد أن يسوق لها ما يرشدها ، فتأبى إلا السير فى طريق الغي والعصيان . و " كلا " منصوب بفعل مضمر يدل عليه ما بعده . فإن ضرب المثل فى معنى التذكير والتحذير ، والتنوين عوض عن المضاف إليه .
أى : وأنذرنا كل فريق من القرون الماضية المكذبة ، وضربنا له الأمثال الحكيمة الكفيلة بإرشاده إلى طريق الحق ، ولكنه استحب العمى على الهدى ، والضلالة على الهداية ، فكانت عاقبته كما قال - تعالى - بعد ذلك { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } .
أى : وكل قرن من هؤلاء المكذبين أهلكناه إهلاكا لا قيام له منه ، وأصل التتبير : التفتيت . وكل شىء فتته وكسرته فقد تبرته . ومنه التبر لفتات الذهب والفضة .
والمراد به هنا التمزيق والإهلاك الشديد الذى يستأصل من نزل به .
التنوين في { كُلاًّ } تنوين عوض عن المضاف إليه . والتقدير : وكلَّهم ضربنا له الأمثال وانتصب { كُلاّ } الأول بإضمار فعل يدل عليه { ضربنا له } تقديره : خاطبنا أو حذَّرنا كُلاًّ وضربنا له الأمثال ، وانتصب { كُلاًّ } الثاني بإضمار فعل يدل عليه { تبرنا } وكلاهما من قبيل الاشتغال .
والتتبير : التفتيت للأجسام الصلبة كالزجَاج والحديد . أطلق التتبير على الإهلاك على طريقة الاستعارة تبعيةً في { تبرنا } وأصلية في { تتبيراً } ، وتقدم في قوله تعالى : { إن هؤلاء متبّر ما هم فيه } في سورة الأعراف ( 139 ) ، وقوله : { وليُتَبِّروا ما علَوْا تتبيراً } في سورة الإسراء ( 7 ) . وانتصب { تتبيراً } على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله لإفادة شدة هذا الإهلاك .
ومعنى ضرب الأمثال : قولها وتبيينها وتقدم عند قوله تعالى : { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة ( 26 ) .
والمَثَل : النظير والمشابه ، أي بيّنا لهم الأشباه والنظائر في الخير والشر ليعرضوا حال أنفسهم عليها . قال تعالى : { وسَكَنْتُم في مَساكِن الذين ظَلَموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعَلْنا بهم وضربنا لكم الأمثال } [ إبراهيم : 45 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.