الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَكُلّٗا ضَرَبۡنَا لَهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَۖ وَكُلّٗا تَبَّرۡنَا تَتۡبِيرٗا} (39)

وقوله : { وكلا تبرنا تتبيرا }[ 39 ] ، أي : وتبرنا كلا ، أي : أهلكنا كلا وقوله : { وكلا ضربنا له الأمثال }[ 39 ] ، أي : وذكرنا{[49995]} كلا ، ووعظنا كلا { ضربنا له الأمثال }[ 39 ] ، فتضمر{[49996]} هذا ونحوه ، لأن ضرب الأمثال وعظ وتذكير . وقيل{[49997]} : وعادا وما بعده معطوف على المفعول في { فدمرناهم }[ 36 ] ، أي : دمرنا{[49998]} عادا وثمودا{[49999]} وأصحاب الرس{[50000]} .

قال{[50001]} ابن عباس : أصحاب الرس قرية من ثمود .

وقال{[50002]} قتادة{[50003]} الرس : قرية من اليمامة يقال لها الفلج{[50004]} .

وعن ابن عباس وعكرمة : الرس : بئر . وقاله{[50005]} مجاهد{[50006]} .

قال{[50007]} أبو عبيدة الرس : المعدن ، وصاحب الرس : نبي يقال له : حنظلة بن صفوان{[50008]} : قتلوه وطرحوه في البئر{[50009]} .

والرس عند جماعة من أهل اللغة : الركية التي لم تصلو{[50010]} .

وروى محمد بن كعب القرظي أن النبي صلى الله عليه{[50011]}وسلم قال : إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة : العبد الأسود و{[50012]} ذلك أن الله جل ذكره : بعث نبيا إلى أهل قريته ، فلم يؤمن أحد من أهلها إلا ذلك الأسود ، ثم إن أهل القرية عدوا على{[50013]} النبي فحفروا له بئرا وألقوه{[50014]} فيها . ثم أطبقوا عليه بحجر{[50015]} ضخم ، قال : فكان ذلك{[50016]} العبد الأسود يذهب فيحتطب على ظهره ، ثم يأتي بحطبه ، فيبيعه فيشتري به طعاما وشرابا ، ثم يأتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة ، ويعينه الله تعالى{[50017]} عليها ، فيدلي{[50018]} طعامه وشرابه إليه ، ثم يرجعها كما كانت ، فكان{[50019]} ذلك{[50020]} ما شاء الله أن يكون ثم{[50021]} ذهب يوما يحتطب{[50022]} كما كان يصنع فجمع حطبه ، وحزم حزمته{[50023]} وفرغ منها ، فلما أراد أن يحتملها ، وجد سِنة فاضطجع فنام ، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما{[50024]} ثم إنه هب{[50025]} فتمطى{[50026]} فتحول لشقه الآخر{[50027]} ، فاضطجع ، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ، ثم إنه هب{[50028]} فاحتمل حزمته ، ولا يحسب إلا أنه نام{[50029]} ساعة من نهار ، فجاء إلى القرية فباع حزمته ، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع{[50030]} ، ثم{[50031]} ذهب إلى الحفرة فالتمسه فلم يجده وقد كان بدا لقومه فيه ، فاستخرجوه ، وآمنوا به وصدقوه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم{[50032]} يسألهم عن ذلك الأسود ، ما فعل فيقولون ما ندري حتى قبض الله النبي ، وأتى الأسود بعد ذلك ، قال{[50033]} النبي صلى الله عليه وسلم ، إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة{[50034]} فهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا أصحاب الرس لأنهم آمنوا ، وقد حكى الله عن أصحاب الرس أنه دمرهم ، إلا أن يكونوا أحدثوا حدثا بعد نبيهم{[50035]} .

وقوله : { وقرونا بين ذلك كثيرا }[ 38 ] ، أي : ودمرنا قرونا بين أضعاف هذه{[50036]} الأمم التي ذكرنا .

وقال : قتادة{[50037]} أصحاب الأيكة{[50038]} وأصحاب الرس أمتان أرسل إليهما جميعا شعيب{[50039]} ، فكفرتا فعذبتا بعذابين .

قال{[50040]} قتادة : القرن سبعون سنة{[50041]} .

وقيل{[50042]} : القرن أربعون سنة{[50043]} .


[49995]:ز: وذكرنا.
[49996]:ز: فتضمن.
[49997]:انظر: إملاء ما من به الرحمن2/163، وإعراب القرآن للدرويش7/14/15.
[49998]:ز: ودمرنا.
[49999]:ثمود: قبيلة من العرب البائدة، اشتهرت باسم أبيها، فلا يقال فيها: إلا ثمود بغير بني، وبذلك ورد القرآن الكريم. كانت مساكنهم بالحجر، ووادي القرى بين الحجاز والشام انظر: معجم قبائل العرب 1/152.
[50000]:الرس قرية باليمامة يقال لها فلج، وروي أن الرس ديار لطائفة من ثمود، وكل بئر: رس. انظر: معجم البلدان 3/43.
[50001]:انظر: ابن جرير 19/13، والتسهيل 3/169، والبحر6/498، وابن كثير 5/152، والدر19/256، وفتح القدير 4/78، وروح المعاني19/19.
[50002]:انظر: ابن جرير 19/14، وزاد المسير 6/90، والرازي 24/82، والقرطبي 13/32 والخازن 5/101، والتسهيل 3/169، والبحر6/498-499، وابن كثير 5/152، ومجمع البيان 19/107، والدر19/256، وأبو السعود 4/137، وروح المعاني 19/19.
[50003]:بعده في ز: "أصحاب".
[50004]:قال أبو منصور: فلج: اسم بلد، ومنه قيل: لطريق تأخذ من طريق البصرة إلى اليمامة: طريق بطن فلج. انظر: معجم البلدان 4/272.
[50005]:ز: وقال.
[50006]:انظر: ابن جرير 19/14، وزاد المسير6/89، والرازي24/82، وابن كثير5/152، ومجمع البيان19/107، والدر 19/256 وفتح القدير4/76.
[50007]:انظر: مجاز القرآن2/75، وصحيح البخاري 6/199.
[50008]:انظر: ترجمته في الأعلام 2/323.
[50009]:انظر: ترجمته في الأعلام 2/323.
[50010]:انظر المصدر السابق.
[50011]:ز: عليه السلام.
[50012]:من "وذلك أن الله...ذلك الأسود" ساقط من ز.
[50013]:بعده في ز: "ذلك".
[50014]:ز: فألقوه.
[50015]:ع: بحجر أضخم.
[50016]:"ذلك" سقطت من ز.
[50017]:"تعالى" سقطت من ز.
[50018]:ز: فيدلني.
[50019]:ز: وكان.
[50020]:ز: كذلك.
[50021]:بعده في ز: أنه.
[50022]:ز: يحطب.
[50023]:ز: حزمه.
[50024]:ز: قائما.
[50025]:ز: ذهب: تحريف.
[50026]:ز: فتمضى.
[50027]:ز: الشقة الأخرى.
[50028]:ز: ذهب.
[50029]:"نام" سقطت من ز.
[50030]:ز: فصنع.
[50031]:بعده في ز: إنه.
[50032]:"صلى الله عليه وسلم" سقطت من ز.
[50033]:بعده في ز: "إن".
[50034]:انظر: ابن جرير19/14، وذكره الفخر الرازي عن الطبري انظر: 24/83، وابن كثير 5/152-153.
[50035]:نفس ما ذهب إليه ابن جرير انظر: 19/15.
[50036]:ز: هؤلاء: تحريف.
[50037]:انظر: القرطبي 13/32، والدر 19/257.
[50038]:أصحاب الأيكة هم قوم شعيب، كانت أرضهم كثيرة الأشجار الملتفة الأغصان في البقعة الواقعة بين ساحل البحر الأحمر وجنوب الشام، وهي أرض مدين.انظر: معجم الألفاظ والأعلام القرآنية ص54.
[50039]:ز: شعيبا.
[50040]:ز: وقال.
[50041]:انظر: ابن جرير 19/15، والقول فيه: لجعفر بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظر: الرازي24/83، ومجمع البيان 19/107، والدر19/258، وأبو السعود 4/138، وفتح القدير 4/78.
[50042]:القول لإبراهيم انظر: ابن جرير19/15، وفي الرازي: للنخعي انظر:24/83، وانظر: ابن كثير 5/153، ومجمع البيان 19/107، والدر19/259، وأبو السعود4/138، وفتح القدير4/76.
[50043]:"سنة" سقطت من ز.