المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

85- ويا قوم أدُّوا المكِيل والموزون مما تبيعونه وافياً على وجْه العدل والتسوية ، ولا تنقصوا الناس حقهم في أشيائهم ، ولا تجوروا وتفسدوا في الأرض بسرقة أموالهم ، أو الإغارة عليهم ، أو قطع الطريق على العابرين منهم ، تتخذون الفساد وسيلة للكسب الحرام .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

قوله تعالى : { ويا قوم أوفوا المكيال والميزان } ، أتموهما ، { بالقسط } ، بالعدل . وقيل : بتقويم لسان الميزان ، { ولا تبخسوا } ، لا تنقصوا ، { الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

ثم واصل شعيب - عليه السلام - نصحه لقومه ، فأمرهم بالوفاء بعد أن نهاهم عن النقص على سبيل التأكيد ، وزيادة الترغيب فى دعوته فقال : { وياقوم أَوْفُواْ المكيال والميزان بالقسط } . .

أى : ويا قوم أوفوا عند معاملاتكم أدوات كليكم وأدوات وزنكم ، ملتزمين فى كل أحوالكم العدل والقسط .

{ وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ . . . } أى : ولا تنقصوهم شيئاً من حقوقهم . يقال بخس فلان فلاناً حقه إذا ظلمه وانتقصه . وهو يشمل النقص والعيب فى كل شئ . .

والجملة الكريمة تعميم بعد تخصيص ، لكى تشمل غير المكيل والموزون كالمزروع والمعدود ، والجيد والردئ . . .

قال الجمل ما ملخصه : وقد كرر - سبحانه - نهيهم عن النقص والبخس وأمرهم بالوفاء . . لأن القوم لما كانوا مصرين على ذلك العمل القبيح ، وهو تطفيف الكيل والميزان ومنع الناس حقوقهم ، احتيج فى المنع منه إلى المبالغة فى التأكيد ، ولا شك أن التكرير يفيد شدة الاهتمام والعناية بالمأمور والمنهى عنه ، فلهذا كرر ذلك ليقوى الزجر والمنع من ذلك الفعل . .

وقوله : { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ } تحذير لهم من البطر والغرور واستعمال نعم الله فى غير ما خلقت له .

قال ابن جرير : " وأصل العثى شدة الإِفساد ، بل هو أشد الإِفساد . يقال عثى فلان فى الأرض يعنى - كرضى يرضى - إذا تجاوز فى الإِفساد . . .

أى : ولا تسعوا فى أرض الله بالفساد ، وتقابلوا نعمه بالمعاصى ، فتسلب عنكم

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

ينهاهم{[14860]} أولا عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا الناس ، ثم أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين ، ونهاهم عن العيث{[14861]} في الأرض بالفساد ، وقد كانوا يقطعون الطريق .


[14860]:- في ت ، أ : "نهاهم".
[14861]:- في ت : "العيب".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل شعيب لقومه : أوفُوا الناس الكيل والميزان { بالقسط } ، يقول : بالعدل ، وذلك بأن توفّوا أهل الحقوق التي هي مما يكال أو يوزن حقوقهم على ما وجب لهم من التمام بغير بخس ولا نقص .

وقوله : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، يقول : ولا تنقصوا الناس حقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم كيلاً أو وزنا أو غير ذلك . كما :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا علي بن صالح بن حيّ ، قال : بلغني في قوله : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، قال : لا تنقصوهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، يقول : لا تظلموا الناس أشياءهم .

وقوله : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } ، يقول : ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله . كماحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } ، قال : لا تسيروا في الأرض .

حُدثت عن المسيب ، عن أبي روق ، عن الضحاك : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } . يقول : لا تسعوا في الأرض مفسدين ، يعني : نقصان الكيل والميزان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

وكرر عليهم الوصية في «الكيل والوزن » تأكيداً وبياناً وعظة لأن { لا تنقصوا } هو { أوفوا } بعينه . لكنهما منحيان إلى معنى واحد .

قال القاضي أبو محمد : وحدثني أبي رضي الله عنه ، أنه سمع أبا الفضل بن الجوهري على المنبر بمصر يعظ الناس في الكيل والوزن فقال : اعتبروا في أن الإنسان إذا رفع يده بالميزان فامتدت أصابعه الثلاث والتقى الإبهام والسبابة على ناصية الميزان جاء من شكل أصابعه صورة المكتوبة فكأن الميزان يقول : الله الله .

قال القاضي أبو محمد : وهذا وعظ مليح مذكر . و { القسط } العدل ونحوه ، و «البخس » النقصان ، و { تعثوا } معناه : تسعون في فساد ، وكرر { مفسدين } على جهة التأكيد ، يقال عثا يعثو أو عثى يعثي ، وعث يعث ، وعاث يعيث - إذا أفسد ونحوه من المعنى ، العثة : الدودة التي تفسد ثياب الصوف{[6468]} .


[6468]:- في "اللسان": العثّة: السّوسة أو الأرضة التي تلحس الصوف، والجمع: عثّ وعُثث.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (85)

إعادة النداء في جملة { ويا قوم أوفوا المكيال } لزيادة الاهتمام بالجملة والتنبيه لمضمونها ، وهو الأمر بإيفاء المكيال والميزان . وهذا الأمر تأكيد للنّهي عن نقصهما . والشيء يؤكد بنفي ضده ، كقوله تعالى : { وأضل فرعون قومه وما هدى } [ طه : 79 ] . لزيادة التّرغيب في الإيفاء بطلب حصوله بعد النهي عن ضده .

والباء في قوله { بالقسط } للملابسة . وهو متعلق ب { أوفوا } فيفيد أن الإيفاء يلابسه القسط ، أي العدل تعليلاً للأمر به ، لأنّ العدل معروف حسن ، وتنبيهاً على أنّ ضده ظلم وجور وهو قبيح منكر .

والقسط تقدم في قوله تعالى : { قائماً بالقسط } في [ آل عمران : 18 ] .

والبخس : النقص . وتقدم في قصته في سورة الأعراف مفسراً . وذكر ذلك بعد النهي عن نقص المكيال والميزان تذييل بالتعميم بعد تخصيص . لأنّ التطفيف من بخس الناس في أشيائهم ، وتعدية { تبخسوا } إلى مفعولين باعتباره ضد أعطى فهو من باب كسا .

والعَثْيُ بالياء من باب سعَى ورمى ورضي ، وبالواو كدعا ، هو : الفساد .

ولذلك فقوله { مفسدين } حال مؤكدة لعاملها مثل التوكيد اللفظي مبالغة في النهي عن الفساد .

والمراد : النهي عن الفساد كله ، كما يدلّ عليه قوله : { في الأرض } المقصود منه تعميم أماكن الفساد .

والفساد تقدم في قوله تعالى : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض } في أول سورة [ البقرة : 11 ] .

وقد حصل النهي عن الأعم بعد النهي عن العامّ ، وبه حصلت خمسة مؤكدات : بالأمر بعد النهي عن الفساد الخاص ، ثم بالتّعميم بعد التخصيص ، ثم بزيادة التعميم ، ثم بتأكيد التعميم الأعم بتعميم المكان ، ثمّ بتأكيده بالمؤكد اللفظي .

وسلك في نهيهم عن الفساد مسلك التدرج فابتدأه بنهيهم عن نوح من الفساد فاشٍ فيهم وهو التطفيف . ثم ارتقى فنهاهم عن جنس ذلك النوع وهو أكل أموال الناس . ثم ارتقى فنهاهم عن الجنس الأعلى للفساد الشامل لجميع أنواع المفاسد وهو الإفساد في الأرض كلّه . وهذا من أساليب الحكمة في تهيئة النفوس بقبول الإرشاد والكمال .

وإذ قد كانت غاية المفسد من الإفساد اجتلابَ ما فيه نفع عاجل له من نوال ما يحبه أعقب شعيب موعظته بما ادّخره الله من الثواب على امتثال أمره وهو النفع الباقي هو خير لهم مما يقترفونه من المتاع العاجل .