أما الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
فالآيتان الكريمتان تخبران جميع بنى آدم أن رسل الله قد بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة ، فعلى المرسل إليهم أن يطيعوهم حتى يفوزوا برضاء خالفهم .
قال الجمل : " وإنما رسل بلفظ الجمع وإن كان المراد به واحدا وهو النبى صلى الله عليه وسلم ، لأنه خاتم الأنبياء ، وهو مرسل إلى كافة الخلق ، فذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم ، فعلى هذا يكون الخطاب في قوله : { يابني ءَادَمَ } لأهل مكة ومن يلحق بهم . وقيل أراد جميع الرسل . وعلى هذا الخطاب في قوله : { يابني ءَادَمَ } عام لكل بنى آدم ، وإنما قال منكم أى : من جنسكم ومثلكم من بنى آدم ، لأن الرسول إذا كان من جنسهم كان أقطع لعذرهم وأثبت للحجة عليهم ، لأنهم يعرفونه ويعرفون أحواله ، فإذا أتاهم بما لا يليق بقدرته أو بقدرة أمثاله علم أن ذلك الذي أتى به معجزة له ، وحجة على من خالفه " .
ثم تعرض السورة الكريمة بعد ذلك لمشاهد يوم القيامة في خمس عشرة آية فتصور لنا في أسلوبها البليغ المؤثر حال المشركين عند قبض أرواحهم ، وحالهم عندما يقفون أمام الله للحساب يوم الدين ، وتحكى لنا ما يجرى بين رؤساء المشركين ومرءوسيهم من مجادلات وملاعنات ، ثم تعقب على ذلك ببيان ما أعده الله للمؤمنين من أجر عظيم وثواب جزيل ، ثم يختم هذه المشاهدة بالحديث عما يدور بين أصحاب الجنة واصحاب النار من محاورات ونداءات .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
يقول جل ثناؤه : وأما من كذب بأنباء رسلي التي أرسلتها إليه وجحد توحيدي وكفر بما جاء به رسلي واستكبر عن تصديق حججي وأدلتي ، فأُولَئِكَ أصحَابُ النّارِ هُمْ فيها خالدون يقول : هم في نار جهنم ماكثون ، لا يخرجون منها أبدا .
جملة : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار } معطوفة على جملة { فمن اتَّقى وأصلح } . والرَابط محذوف تقديره : والذين كفروا منكم وكذّبوا .
والاستكبار مبالغة في التّكبّر ، فالسين والتّاء للمبالغة . وهو أن يعُد المرء نفسه كبيراً أي عظيماً وما هو به ، فالسّين والتاء لعد والحسبان ، وكلا الأمرين يؤذن بإفراطهم في ذلك وأنّهم عَدَوْا قدرهم .
وضمن الاستكبار معنى الإعراض . فعلّق به ضمير الآيات . والمعنى : واستكبروا فأعرضوا عنها .
وأفاد تحقيق أنّهم صائرون إلى النّار بطريق قصر ملازمة النّار عليهم في قوله : { أولئك أصحاب النار } لأنّ لفظ أصحاب مؤذن بالملازمة . وبما تدلّ عليه الجملة الاسميّة من الدّوام والثّبات في قوله : { هم فيها خالدون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.