البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُواْ عَنۡهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (36)

{ والذين كذبوا } والتكذيب هو بدوّ الشقاوة إذ لا ينشأ عنه إلا الانهماك والإفساد وقال بل الإصلاح بالاستكبار لأنّ إصلاح العمل من نتيجة التقوى والاستكبار من نتيجة التكذيب وهو التعاظم فلم يكونوا ليتّبعوا الرسل فيما جاؤوا به ولا يقتدوا بما أمروا به لأنّ من كذب بالشيء نأي بنفسه عن اتباعه ، وقال ابن عطية : هاتان حالتان تعمّ جميع من يصدّ عن رسالة الرسول إما أن يكذب بحسب اعتقاده أنه كذب وإما أن يستكبر فيكذب وإن كان غير مصمّم في اعتقاده على التكذيب وهذا نحو الكفر عناد انتهى ، وتضمّنت الجملتان حذف رابط وتقديره { فمن اتقى وأصلح } منكم ، { والذينَ كذبوا } منكم وتقدّم تفسير { فلا خوف } و { أولئك أصحاب النار } الجملتان ، وقرأ أبيّ والأعرج إما تأتينكم بالتاء على تأنيث الجماعة { ويقصّون } محمول على المعنى إذ ذاك إذ لو حمل على اللفظ لكان تقصّ .