الآية 36 وقوله تعالى : { والذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ظاهر تأويلها قد ذكرناه في غير موضع حين{[8297]} لم يأخذوا على أحد منهم [ الصّدق ]{[8298]} .
وقوله{[8299]} تعالى : { يا بني آدم إما يأتينّكم رسل } به على خلقه منن كثيرة ، ونعمه عظيمة حين{[8300]} بعث الرسل من جنس المرسل إليهم :
أحدها : أن كل ذي جنس وجوهر مستأنس بجنسه وجوهره ، ويستوحش بغيره ، فمنّ عليهم حين{[8301]} بعث الرسل من جنسهم وجوهرهم ؛ يستأنس بعضهم ببعض ؛ ويألف{[8302]} بعضهم بعضا ، فذلك آخذ للقلوب وأدعى إلى الاتّباع والإجابة .
والثانية{[8303]} : بعث الرسل من قومهم الذين نشؤوا بين أظهرهم ، وعرفوا صدقهم وأمانتهم ليعلموا أنهم صادقون{[8304]} في ما يدعون من الرسالة حين{[8305]} لم يظهر منهم الكذب والخيانة قط حتى لم يأخذوا على أحد منهم الكذب .
والثالثة{[8306]} : أن الرسل لو كانوا من غير جنسهم وغير جوهرهم لم يعرفوا ما أوتوا من الآيات والبراهين /173-أ/ أنها آيات وحجج لما لا يعلمون أن وسعهم لا يبلغ هذا ، وطوقهم لا يصل إلى ذلك . وإذا كانوا منهم يعرفون ذلك ، إذا أوتوا بشيء خرج عن وسعهم ، أنها آيات .
وقوله تعالى : { والذين كذّبوا بآياتنا } قال الحسن : بديننا{[8307]} { واستكبروا عنها } وتحتمل : آياتنا حججنا ؛ أي كذّبوا بحججنا فإذا كذّبوا بحججه كفروا به ؛ لأنه عز وجل لا يعرف من طريق الحسّ والعيان ، ولكن إنما يعرف من طريق الحجج والآيات والدلائل ، فيكون الكفر بآياته وحججه كفرا به . ويشبه أن تكون آياته آيات الرسالة وحججها .
وتحتمل آياته ههنا رسله أي كذّبوا برسلنا ؛ سمّى رسله آياته ؛ لأن [ الرسل أنفسهم كانوا آيات ]{[8308]} للخلق تدلّهم على وحدانية الله ، ورسالتهم من أعلام جعلت من أنفسهم من صدقهم وأمانتهم { واستكبروا عنها } أي استكبروا{[8309]} التدبّر فيها والنظر { أولئك أصحاب النار } لأنهم يصحبون النار والسبب الذي يوجب لهم النار أبدا ، فسمّوا أصحاب النار لما هم يصحبونها دائما ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.