المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (18)

18- قال أهل القرية : إننا تشاءمنا بكم . ونُقسم : إن لم تكفوا عن دعوتكم لنرمينكم بالحجارة ، وليصيبنكم منا عذاب شديد الألم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (18)

قوله تعالى : { قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون . وما علينا إلا البلاغ المبين . قالوا إنا تطيرنا بكم } تشاءمنا بكم ، وذلك أن المطر حبس عنهم ، حين قدم الرسل عليهم ، فقالوا : أصابنا هذا بشؤمكم ، { لئن لم تنتهوا لنرجمنكم } لنقتلكم ، وقال قتادة : بالحجارة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (18)

ولكن أهل القرية لم يقتنعوا بهذا المنطق السليم ، بل ردوا على الرسل ردا قبيحا ، فقالوا لهم : { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }والتطير : التشاؤم . أى قالوا فى الرد عليهم : إنا تشاءمنا من وجودكم بيننا ، وكرهنا النظر إلى وجوهكم ، وإذا لم ترحلوا عنا ، وتكفوا عن دعوتكم لنا إلى ما لا نريده ، لنرجمنكم بالحجارة ، وليمسنكم منا عذاب شديد الألم قد ينتهى بقتلكم وهلاككم .

قال صاحب الكشاف : قوله { تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } أى : تشاءمنا بكم ، وذلك أنهم كرهوا دينهم ، ونفرت منه نفوسهم ، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شئ مالوا إليه ، واشتهوه وآثروه وقبلته طباعتهم ، ويتشاءموا مما نفروا عنه وكرهوه ، فإن أصابهم خير أو بلاء ، قالوا : ببركة هذا وبشؤم هذا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ إِنّا تَطَيّرْنَا بِكُمْ لَئِن لّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنّكُمْ وَلَيَمَسّنّكُمْ مّنّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : قال أصحاب القرية للرسل : أنّا تَطَيّرْنا بِكُمْ يعنون : إنا تشاءمنا بكم ، فإن أصابنا بَلاء فمن أجلكم ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قالُوا إنّا تَطَيّرْنا بِكُمْ قالوا : إن أصابنا شرّ ، فإنما هو من أجلكم .

وقوله : لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنرْجُمَنّكُمْ يقول : لئن لم تنتهوا عما ذكرتم من أنكم أرسلتم إلينا بالبراءة من آلهتنا ، والنهي عن عبادتنا لنرجمنكم ، قيل : عُني بذلك لنرجُمَنّكم بالحجارة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنرْجُمَنّكُمْ بالحجارة وَلَيَمَسّنّكُمْ مِنّا عَذَابٌ ألِيمٌ يقول : ولينالنكم منا عذاب مُوجِع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (18)

لما غلبتهم الحجة من كل جانب وبلغ قول الرسل { وما علينا إلا البلاغ المبين } [ يس : 17 ] من نفوس أصحاب القرية مبلغ الخجل والاستكانة من إخفاق الحجة والاتسام بميسم المكابرة والمنابذة للذين يبتغون نفعهم انصرفوا إلى ستر خجلهم وانفحامهم بتلفيف السبب لرفض دعوتهم بما حسبوه مقنعاً للرسل بترك دعوتهم ظنّاً منهم أن يدَّعونه شيء خفي لا قِبل لغير مخترعه بالمنازعة فيه ، وذلك بأن زعموا أنهم تطيّروا بهم ولحقهم منهم شُؤْم ، ولا بد للمغلوب من بارد العذر .

والتطير في الأصل : تكلف معرفة دلالة الطير على خير أو شر من تعرض نوع الطير ومن صفة اندفاعه أو مجيئه ، ثم أطلق على كل حدث يَتوهم منه أحد أنه كان سبباً في لحاق شر به فصار مرادفاً للتشاؤم .

وفي الحديث : « لا عَدوى ولا طِيَرَة وإنما الطِيرَة على من تَطير » وبهذا المعنى أطلق في هذه الآية ، أي قالوا : إنا تشاءمنا بكم .

ومعنى { بكم } بدعوتكم ، وليسوا يريدون أن القرية حلّ بها حادث سوء يعمّ الناس كلهم من قحط أو وباء أو نحو ذلك من الضرّ العام مقارن لحلول الرسل أو لدعوتهم ، وقد جوزه بعض المفسرين ، وإنما معْنى ذلك : أن أحداً لا يخلو في هذه الحياة من أن يناله مكروه . ومن عادة أصحاب الأوهام السخيفة والعقول المأفونة أن يسندوا الأحداث إلى مقارناتها دون معرفة أسبابها ثم أن يتخيروا في تعيين مقارنات الشؤم أموراً لا تلائم شهواتهم وما ينفرون منه ، وأن يعينوا من المقارنات للتيمن ما يرغبون فيه وتقبله طباعهم يغالطون بذلك أنفسهم شأن أهل العقول الضعيفة ، فمرجع العلل كلها لديهم إلى أحوال نفوسهم ورغائبهم كما حكى الله تعالى عن قوم فرعون : { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئة يَطَّيَّروا بموسى ومن معه } [ الأعراف : 131 ] وحكَى عن مشركي مكة { وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } [ النساء : 78 ] .

ويجوز أن يكونوا أرادوا بالشؤم أن دعوتهم أحدثت مشاجرات واختلافاً بين أهل القرية فلما تمالأت نفوس أهل القرية على أن تعليل كل حدث مكروه يصيب أحدهم بأنه من جراء هؤلاء الرسل اتفقت كلمتهم على ذلك فقالوا : { إنا تطيرنا بكم } أي يقولها الواحد منهم أو الجمع فيوافقهم على ذلك جميع أهل القرية .

ثم انتقلوا إلى المطالبة بالانتهاء عن هذه الدعوة فقالوا : { لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم } وبذلك ألجأوا ( بولس ) و ( برنابا ) إلى الخروج من أنطاكية فخرجا إلى أيقونية وظهرت كرامة ( بولس ) في أيقونية ثم في ( لسترة ) ثم في ( دربة ) . ولم يزل اليهود في كل مدينة من هذه المدن يشاقّون الرسل ويضطهدونهم ويثيرون الناس عليهم ويَلحقونهم إلى كل بلد يحلّون به ليشغبوا عليهم ، فمسّهم من ذلك عذاب وضرّ ورُجم ( بولس ) في مدينة ( لسترة ) حتى حسبوا أن قد مات .

ولام { لئن لم تنتهوا } موطئة للقسم حكي بها ما صدر منهم من قسم بكلامهم .