ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة . بتوجيه الخطاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، على سبيل التسلية والتكريم ، حيث أمره - سبحانه - بالإعراض عنهم ، لأنه - سبحانه - هو الذى سيتولى حسابهم وعقابهم . . . فقال - تعالى - : { فَذَرْهُمْ . . } .
الفاء فى قوله - سبحانه - : { فَذَرْهُمْ . . . } واقعة فى جواب شرط مقدر . أى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - فاتركهم فى طغيانهم يعمهون . .
{ حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ } أى : فدعهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم اليوم الذى فيه يموتون ويهلكون .
قال القرطبى : قوله { يُصْعَقُونَ } بفتح الياء قراءة العامة . وقرأ ابن عامر وعاصم بضمها . قال الفراء : هما لغتان : صَعِق وصُعِقَ مثل سَعِد وسُعِد . قال قتادة : يوم يموتون . وقيل : هو يوم بدر ، وقيل : يوم النفخة الأولى . وقيل : يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يزيل عقولهم . . .
وقوله : فَذَرْهُمْ حتى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فدع يا محمد هؤلاء المشركين حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يهلكون ، وذلك عند النفخة الأولى .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فِيهِ يُصْعَقُونَ فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى عاصم بفتح الياء من «يَصْعَقُونَ » ، وقرأه عاصم يُصْعَقُونَ بضم الياء ، والفتح أعجب القراءتين إلينا ، لأنه أفصح اللغتين وأشهرهما ، وإن كانت الأخرى جائزة ، وذلك أن العرب تقول : صعق الرجل وصُعِق ، وسَعد وسُعد . وقد بيّنا معنى الصّعْق بشواهده ، وما قال فيه أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته .
ويجوز أن يكون الأمر في قوله : { فذرهم } مستعملاً في تهديدهم لأنهم يسمعونه حين يقرأُ عليهم القرآن كما يقال للذي لا يرعوي عن غيه : دعه فإنه لا يقلع .
وأفادت الغاية أنه يتركهم إلى الأبد لأنهم بعد أن يصعقوا لا تُعاد محاجتهم بالأدلة والآيات .
وقرأ الجمهور { يلاقوا } . وقرأه أبو جعفر { يَلْقوا } بدون ألف بعد اللام .
و « اليوم الذي فيه يصعقون » هو يوم البعث الذي يصعق عنده من في السماوات ومن في الأرض .
وإضافة اليوم إلى ضميرهم لأنهم اشتهروا بإنكاره وعرفوا بالذين لا يؤمنون بالآخرة . وهذا نظير النسب في قول أهل أصول الدين : فلان قدري ، يريدون أنه لا يؤمن بالقدر . فالمعنى بنسبته إلى القدر أنه يخوض في شأنه ، أو لأنه اليوم الذي أوعدوه ، فالإِضافة لأدنى ملابسة .
ونظيره قوله تعالى : { وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } [ الأنبياء : 103 ] .
والصعق : الإِغماء من خوف أو هلع قال تعالى : { وخر موسى صعقاً } [ الأعراف : 143 ] ، وأصله مشتق من الصاعقة لأن المصاب بها يُغمى عليه أو يموت ، يقال : صَعِق ، بفتح فكسر ، وصُعِق بضم وكسر .
وقرأه الجمهور { يصعقون } بفتح المثناة التحتية ، وقرأه ابن عامر وعاصم بضم المثناة .
وذلك هو يوم الحشر قال تعالى : { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه } [ الزمر : 68 ] ، وملاقاتهم لليوم مستعارة لوقوعه ، شُبه اليوم وهو الزمان بشخص غائب على طريقة المكنية وإثباتُ الملاقاة إليه تخييل . والملاقاة مستعارة أيضاً للحلول فيه ، والإتيان بالموصول للتنبيه على خطئهم في إنكاره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.