وقوله : { وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ } أي : ومن هؤلاء الذين بُعثتَ{[14240]} إليهم يا محمد من يؤمن{[14241]} بهذا القرآن ، ويتبعك وينتفع بما أرسلت به ، { وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ } بل يموت على ذلك ويبعث عليه ، { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ } أي : وهو أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه ، ومن يستحق الضلالة فيضله ، وهو العادل الذي لا يجور ، بل يعطي كلا ما يستحقه ، تبارك وتعالى وتقدس وتنزه ، لا إله إلا هو .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنهُمْ مّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مّن لاّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ومن قومك يا محمد من قريش من سوف يؤمن به ، يقول : من سوف يصدق بالقرآن ، ويقرّ أنه من عند الله . وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ أبدا ، يقول : ومنهم من لا يصدّق به ، ولا يقرّ أبدا . وَرَبّكَ أعْلَمُ بالمُفْسدِينَ يقول : والله أعلم بالمكذّبين به منهم ، الذين لا يصدّقون به أبدا من كل أحد لا يخفى عليه ، وهو من وراء عقابه . فأما من كتبت له أن يؤمن به منهم فإني سأتوب عليه .
وقوله تعالى : { ومنهم من يؤمن به } الآية ، الضمير في { منهم } عائد على قريش ، ولهذا الكلام معنيان قالت فرقة : معناه من هؤلاء القوم من سيؤمن في المستقبل ومنهم من حتم الله أنه لا يؤمن به أبداً ، وقالت فرقة : معناه من هؤلاء القوم من هو مؤمن بهذا الرسول إلا أنه يكتم إيمانه وعلمه بأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإعجاز القرآن حق ، حفظاً لرياسته أو خوفاً من قومه ، كالفتية الذين خرجوا إلى بدر مع الكفار فقتلوا فنزل فيهم { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم }{[6122]} وكالعباس ونحو هذا ، ومنهم من ليس بمؤمن .
قال القاضي أبو محمد : وفائدة الآية على هذا التأويل التفرق لكلمة الكفار ، وإضعاف نفوسهم ، وأن يكون بعضهم على وجل من بعض ، وفي قوله { وربك أعلم بالمفسدين } ، تهديد ووعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.