تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِنۡهُم مَّن يُؤۡمِنُ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن لَّا يُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ} (40)

وقوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ) قيل : أهل مكة من يؤمن بهذا القرآن ، ( ومنهم من لا يؤمن به ) وهم كذلك كان[ في الأصل وم : كانوا ] منهم من قد آمن به ، ( وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ ) أي من لم يؤمن به . ويحتمل على الوعيد في ما يستقبل ؛ أي منهم من أهل [ مكة ][ من م ، ساقطة من الأصل ] من يؤمن بهذا القرآن ( وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ ) ، وهم كذلك كان[ في الأصل وم : كانوا ] منهم من قد آمن به ، ومنهم من لم يؤمن به .

وقال بعضهم : وهي في اليهود ليسوا[ في الأصل وم : ليست ] من أهل مكة ، وظاهره أن تكون في كفار [ مكة ][ من م ، ساقطة من الأصل ] . وعلى ذلك قول عامة أهل التأويل ؛ كأن يُخَرَّج على البشارة أن منهم من يؤمن به لئلا يقطع ، ويمنع دعاءهم ، وأخبر أن منهم من لا يؤمن به يؤسسه حتى لا يشتد حزنه على كفرهم .

وجائز أن يكون هذا : أي منهم من قد يولد من بعد ، ويؤمن[ في الأصل وم : ومن يؤمن ] ، ومنهم من يولد ، فلا يؤمن .

وقوله تعالى : ( وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ) يشبه أن يكون معناه أي على علم بما يكون منهم من الفساد ؛ خلقهم ، وأنشأهم ليس[ في الأصل وم : وليس ] عن غفلة وجهل بالفساد ، ولكن عن علم بذلك لما لا يضره فساد مفسد ، ولا ينفعه صلاح مصلح ، إنما عليهم ضرر فسادهم ، ولهم منفعة صلاحهم .

ويحتمل أن يكون على الوعيد أي عالم بفسادهم ، فيجزيهم جزاء الفساد ، والله أعلم .