في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَمِنۡهُم مَّن يُؤۡمِنُ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن لَّا يُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ} (40)

26

وإذا كان أكثرهم لا يتبعون إلا الظن ، ويكذبون بما لم يحصل لهم عنه علم ، فإن هناك منهم من يؤمن بهذا الكتاب ، فليسوا جميعهم من المكذبين :

( ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به . وربك أعلم بالمفسدين ) . .

والمفسدون هم الذين لا يؤمنون . وما يقع الفساد في الأرض كما يقع بضلال الناس عن الإيمان بربهم والعبودية له وحده . وما نجم الفساد في الأرض إلا من الدينونة لغير الله ، وما يتبع هذا من شر في حياة الناس في كل اتجاه . شر اتباع الهوى في النفس والغير ؛ وشر قيام أرباب أرضية تفسد كل شيء لتستبقي ربوبيتها المزيفة . . تفسد أخلاق الناس وأرواحهم وأفكارهم وتصوراتهم . . ثم تفسد مصالحهم وأموالهم . في سبيل بقائها المصطنع الزائف . وتاريخ الجاهلية في القديم والحديث فائض بهذا الفساد الذي ينشئه المفسدون الذين لا يؤمنون .