افتتحت السورة بحرفين من حروف الهجاء ، وأتبع ذلك بذكر القرآن وبيان منزلته عند الله ، ثم أخذت السورة تبين موقف المستهزئين بالرسالات من رسلهم ، وساقت أدلة كثيرة موجبة للإيمان بالله وحده ومع تلك الحجج نسبوا إليه الأنداد ، وجعلوا له البنات ولهم البنين ، وحينما فقدوا الحجة تمسكوا بتقليد آبائهم .
ثم تحدثت عن قصة إبراهيم وأعقبتها باستعظام كفار مكة نزول القرآن على محمد دون عظيم من عظماء القريتين مكة والطائف كأنهم يقسمون فضل الله ، والله قد قسم بينهم معيشتهم في الدنيا لعجزهم عن ذلك . ثم قررت السورة أنه لولا كراهة أن يكفر الناس جميعا لأعطى الكافر كل ما في الدنيا من متاع وزخرف وزين . كما بينت أن من يعرض عن الحق يسلط الله عليه شيطانا يقوده إلى الهلاك .
ثم تعرض السورة قصة موسى وفرعون ، وغرور فرعون بملكه ، وما نزل بفرعون وقومه من انتقام الله ، وأتبعت ذلك بذكر ابن مريم ، وأنع عبد منعم عليه من الله ، دعا إلى الصراط المستقيم . وبعد تخويف من عذاب يوم القيامة للظالمين ، وبشارة للمؤمنين بالجنة التي لهم فيها ما تقر به أعينهم ، وتختم السورة بعموم ملك الله ، وعجز من أشركوهم معه ، فأعرض عنهم يا محمد وقل : سلام ، فسوف يعلمون .
1- حم : افتتحت هذه السورة ببعض الحروف الصوتية على طريقة القرآن الكريم في افتتاح كثير من السور بمثل هذه الحروف .
مكية بإجماع . وقال مقاتل : إلا قوله : " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " {[1]} [ الزخرف : 45 ] . وهي تسع وثمانون آية .
قوله تعالى : " حم ، والكتاب المبين " تقدم الكلام فيه{[13577]} . وقيل : " حم " قسم . " والكتاب المبين " قسم ثان ، ولله أن يقسم بما شاء . والجواب " إنا جعلناه " . وقال ابن الأنباري : من جعل جواب " والكتاب " " حم " - كما تقول نزل والله ، وجب والله - وقف على " الكتاب المبين " . ومن جعل جواب القسم " إنا جعلناه " لم يقف على " الكتاب المبين " . ومعنى : " جعلناه " أي سميناه ووصفناه ؛ ولذلك تعدى إلى مفعولين ، كقوله تعالى : " ما جعل الله من بحيرة " {[13578]} [ المائدة : 103 ] . وقال السدي : أي أنزلناه قرآنا . مجاهد : قلناه الزجاج وسفيان الثوري : بيناه . " عربيا " أي أنزلناه بلسان العرب ؛ لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه ، قاله سفيان الثوري وغيره . وقال مقاتل : لأن لسان أهل السماء عربي . وقيل : المراد بالكتاب جميع الكتب المنزلة على الأنبياء ؛ لأن الكتاب اسم جنس فكأنه أقسم بجميع ما أنزل من الكتب أنه جعل القرآن عربيا .
والكناية في قوله : " جعلناه " ترجع إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة ؛ كقوله تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " . [ القدر : 1 ] . " لعلكم تعقلون " أي تفهمون أحكامه ومعانيه . فعلى هذا القول يكون خاصا للعرب دون العجم . قاله ابن عيسى .
وقال ابن زيد : المعنى لعلكم تتفكرون ، فعلى هذا يكون خطابا عاما للعرب والعجم . ونعت الكتاب بالمبين لأن الله بين فيه أحكامه وفرائضه ، على ما تقدم في غير موضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.