في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ} (17)

( والليل إذا عسعس ) . . أي إذا أظلم . ولكن اللفظ فيه تلك الإيحاءات كذلك . فلفظ عسعس مؤلف من مقطعين : عس . عس . وهو يوحي بجرسه بحياة في هذا الليل ، وهو يعس في الظلام بيده أو برجله لا يرى !

وهو إيحاء عجيب واختيار للتعبير رائع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ} (17)

«وعسعس الليل » في اللغة : إذا كان غير مستحكم الإظلام ، وقال الحسن بن أبي الحسن : ذلك وقت إقباله وبه وقع القسم ، وقال زيد بن أسلم وابن عباس ومجاهد وقتادة : ذلك عند إدباره وبه وقع القسم ، ويرجع هذا قوله بعد : { والصبح إذا تنفس } ، فكأنهما حالان متصلتان ويشهد له قول علقمة بن قرط : [ الرجز ]

حتى إذا الصبح لها تنفّسا . . . وانجاب عنها ليلها وعسعسا{[11665]}

وقال المبرد أبو العباس : أقسم بإقباله وإدباره ، قال الخليل : يقال عسعس الليل وسعسع إذا أقبل وأدبر ، و «تنفس الصبح » : استطار واتسع ضوؤه ، وقال علوان بن قس : [ الطويل ]

وليل دجوجي تنفس فجره . . . لهم بعد أن خالوه لن يتنفسا{[11666]}


[11665]:البيتان للعجاج، وهما من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن، وهما في الطبري، والقرطبي والبحر المحيط، وابن كثير. والتنفس: استمداد النفس، وتنفس الصبح: تبلج وامتد حتى صار نهارا بينا، وانجاب : انكشف وذهب، وابن عطية يستشهد بالبيت على أن معنى (عسعس) هو: أدبر وقال ابن كثير في تفسيره: "وعندي أن المراد بقوله : (إذا عسعس): إذا أقبل، وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضا، لكن الإقبال ها هنا أنسب، كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق، كما قال تعالى: (والليلي إذا يغشى، والنهار إذا تجلى) وقال تعالى: (والضحى والليل إذا سجى)، وهي وجهة نظر، واللغة تسمح بالرأيين ، والله أعلم.
[11666]:في بعض الروايات " (وليل رجوجي تنفس فجره)، وتنفس فجره: طلع، وقيل: أضاء، والمعنى واحد، وخالوه: حسبوه لطول الليل وشدة ظلامه. والدجى: سواد الليل مع غيم، يقال: دجا الليل فهو داج ودجي.