اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ} (17)

قوله تعالى : { والليل إِذَا عَسْعَسَ } . يقال : عَسْعَسَ وسَعْسَع ، أي : أقبل .

قال العجاج : [ الرجز ]

5123- حَتَّى إذَا الصُّبْحُ لهَا تَنفَّسَا *** وانْجَابَ عَنْهَا ليْلُهَا وعِسْعَسَا{[59496]}

أي : أدبر .

قال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى «عسعس » : أدبر حكاه الجوهري .

وقيل : دَنَا من أوله وأظلم ، وكذلك السحاب إذا دنا من الأرض .

وقيل : «أدْبَر » من لغة قريش خاصَّة .

وقيل : أقبل ظلامُه ، ورجحه مقابلته بقوله تعالى { والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } ، وهذا قريبٌ من إدباره .

وقيل : هو لهما على طريق الاشتراك .

قال الخليل وغيره : عسعس الليل : إذا أقبل ، أو أدبر .

قال المبرد : هو من الأضداد ، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحدٍ ، وهو ابتداء الظلام في أوله ، وإدباره في آخره .

قال الماورديُّ : وأصل العسِّ : الامتلاء .

ومنه قيل للقدح الكبير : عُسٌّ ، لامتلائه بما فيه ، فأطلق على إقبال الليل لابتداء امتلائه ، وأطلق على إدباره لانتهاء امتلائه ، فعلى هذا يكون القسم بإقبال الليل وبإدباره ، وهو قوله تعالى : { والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } لا يكون فيه تكرار .

وعَسْعَس : اسم موضع البادية ، وأيضاً : هو اسم رجل .

ويقال للذئب : العَسْعَسُ والعَسْعَاس ؛ لأنه يعسُّ في الليل ويطلب .

ويقال للقنافذ : العَساعِس ، لكثرة ترددها بالليل ، والتَّعَسْعُس : الشم والتَّعَسْعُس - أيضاً - : طلب الصيد .


[59496]:رواية البيت الثاني كما في الديوان: *** وأعسف الليل إذا الليل غسا *** ينظر ديوان العجاج 129، ومجاز القرآن 2/288، والطبري 30/50، ومجمع البيان 10/276، والكشاف 4/711، والقرطبي 19/155، والبحر 8/422 وقد نسب البيتان إلى علقمة بن قرط.