المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

11- إنا لما جاوز الماء حدَّه ، وعلا فوق الجبال في حادث الطوفان . حملناكم - بحمل أصولكم - في السفينة الجارية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

ثم يرسم مشهد الطوفان والسفينة الجارية ، مشيرا بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حين كذبوا . وممتنا على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها ، ثم لم يشكروا ولم يعتبروا بتلك الآية الكبرى :

إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ، لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية . .

ومشهد طغيان الماء ومشهد الجارية على الماء الطاغي ، كلاهما يتناسق مع مشاهد السورة وظلالها . وجرس الجارية وواعية يتمشى كذلك مع إيقاع القافية .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

ثم قال الله تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ } أي : زاد على الحد بإذن الله وارتفع على الوجود . وقال ابن عباس وغيره : { طَغَى الْمَاءُ } كثر - وذلك بسبب دعوة نوح ، عليه السلام ، على قومه حين كذبوه وخالفوه ، فعبدوا غير الله فاستجاب الله له وعَمّ أهل الأرض بالطوفان إلا من كان مع نوح في السفينة ، فالناس كلهم من سلالة نوح وذريته .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مِهْرَان ، عن أبي سنان سعيد بن سنان ، عن غير واحد ، عن علي بن أبي طالب قال : لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك ، فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان ، فطغى الماء على الخزان فخرج ، فذلك قول الله : { إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ } ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك ، إلا يوم عاد ، فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت ، فذلك قوله : { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } عتت على الخزان{[29268]} .

ولهذا قال تعالى ممتنًا على الناس : { إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ } وهي السفينة الجارية على وجه الماء ،


[29268]:- (2) تفسير الطبري (29/32).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

إِنَّ قوله تعالى : { ومَن قبله } [ الحاقة : 9 ] لما شمل قومَ نوح وهم أول الأمم كذبوا الرسل حَسَّن اقتضاب التذكير بأخذهم لِمَا فيه من إدماج امتنان على جميع الناس الذين تناسلوا من الفئة الذين نجاهم الله من الغرق ليتخلص من كونه عِظة وعبرة إلى التذكير بأنه نعمة ، وهذا من قبيل الإِدماج .

وقد بُني على شهرة مُهلك قوم نوح اعتبارُه كالمذكور في الكلام فجعل شرطاً ل { لمَّا } في قوله : { إنا لمّا طغا الماء حملناكم في الجارية } ، أي في ذلك الوقت المعروف بطغيان الطوفان .

والطغيان : مستعار لشدته الخارقة للعادة تشبيهاً لها بطغيان الطاغي على الناس تشبيه تقريب فإن الطوفان أقوى شدة من طغيان الطاغي .

و { الجارية } : صفة لمحذوف وهو السفينة وقد شاع هذا الوصف حتى صار بمنزلة الاسم قال تعالى : { وله الجواري المنشآت في البحر } [ الرحمن : 24 ] .

وأصل الحمل وضع جسم فوق جسم لنقله ، وأطلق هنا على الوضع في ظرف متنقل على وجه الاستعارة .

وإسناد الحمل إلى اسم الجلالة مجاز عقلي بناء على أنه أوحى إلى نوح بصنع الحاملة ووضع المحمول قال تعالى : { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين } الآية [ المؤمنون : 27 ] .